يوليانوس قد أعاده إلى هذا البهو بعد إخراجه منه في عهد قسطنطين، فاضطرب الشيوخُ الوثنيون، ورأوا في ذلك تمثيلًا وتنكيلًا بمجد رومة وعظمتها، وأوفدوا سيماخوس الخطيب إلى ميلان؛ ليلتمس إعادةَ النظر في هذا التدبير وإرجاع المذبح إلى مكانه.
وعلم أمبروسيوس أسقف ميلان بمهمة سيماخوس، فكتب إلى البلاط يرجو المحافظةَ على حرية المعتقد المسيحي ويبين أنه ليس من هذه الحرية في شيءٍ إكراهُ الشيوخ المسيحيين على الاجتماع والتشاوُر في قربٍ من مذبحٍ وثنيٍّ.
ووصل سيماخوس إلى ميلان وتكلم باسم الشيوخ الوثنيين، فطالب باحترام جميع الأديان وقال: يُمكن الوصولُ إلى الحقيقة الدينية بطُرُق متعددة، ثم أشار إلى يَمين الولاء المفروضة على جميع الأعضاء وأبان أنه إذا لم يكن ثمة مذبحٌ في بهو المجلس فعلى أَي شيء يقسم الأعضاء اليمين؟ ولكن ثيودوسيوس كان شديد التمسك بالنصرانية فأحال عريضة الشيوخ إلى المجلس الإمبراطوري الأعلى مع الإيعاز برفضها، وفي السنة ٣٩٢ أصدر الإمبراطور أمرًا خاصًّا إلى نائبه في مصر يُوجب تطهيرَ هذا البلد مِن أدران الوثنية، فأقفل السيرابيوم في الإسكندرية، واتفق أن أراد ثيوفيلوس أسقف الإسكندرية أن يحوِّل هيكلًا وثنيًّا إلى كنيسة مسيحية فثارتْ ثائرةُ الوثنيين في الإسكندرية والتجئوا إلى السيرابيوم واعتصموا فيه.
وحَضَّهُم الفيلسوفُ أوليمبيوس الوثني على الاستماتة في سبيل دينهم، فأمر ثيودوسيوس بهدم الهيكل وتدميره، وألح ثيوفيلوس بوجوب تقطيع تمثال سيرابيس بالفئوس، وكان الناسُ يَعتقدون أن سيرابيس يقابل مثل هذا العمل بالزلزال، لكن ما إن سقط التمثالُ وهُدمت قاعدتُهُ حتى خرج منها جيشٌ من الجراذين! ثم أُضرمت النار في أمتعة الهيكل الكبير فاحترق معها عددٌ غيرُ قليلٍ من نفائس المخطوطات اليونانية، وضاعت بضياعها صفحةٌ من تاريخ العلم والمدنية.