٧٢
وزيد في جوامعها القرويين والاندلس زيادات كثيرة واتسع الناس في أيامهم في البناء فكبرت المدينة وكثرت الخيرات بها واتصل الامن والرخاء بطول أيامهم إلى أن شهر المرابطون بالمغرب وقد ضعفت احوال مغراوة ونقص ملكهم وجاروا على رعيتهم فاخذ أموالهم وسفك دمانهم وتعرض لحرمهم فانقطعت عنهم المواد وكثر الخوف في البلاد وغلت الاسعار وتبدل الرخاء بالشدّة والامان بالخوف والعدل بالجور فكانت اخر أيامهم أيام جور وظلم وعدوان على رعيتهم وغلاء مفرط لم يسمح بمثله وقتن شديدة واتصل عيد الجوع والغلاء وعدم الاقوات بمدينة فاس وأعمالها أيام الفتوح بن دوناس وأيام بن معنصر وأيام ولده تمیم بن معنصر الى أن بلغ الدقيق بمدينة فاس وغيرها من بلاد المغرب الغربية منها أوقية درهم وعدمت الاقوات فيها بالكلية فكان رؤساء مغراوة وبني يفرن يدخلون على الناس في ديارهم فياخذون ما يجدون فيها من النعام ويتعرضون لنسائهم وصبيانهم وياخذون أموال التجار فلا يقدر احد أن يصدّهم عن ذلك ولا يتجرا يكلمهم فيه ومن لم يوافقهم في شي من ذلك او صدهم عنه قتلوه وكان سفهاء وهم وعبيدهم يصعدون على قنة جيل العرض فينظرون الى الديار التي بالمدينة فای دار راوا فيها دخانا قصدوا اليها فدخلوها وأخذوا ما يجدون بها من الطعام فلما فعلوا ذلك سلبهم الله ملكهم وغير نعمه لديهم فان الله لا يغير نعمة بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فسلط الله عليهم المرابطين فازالوا ملكهم وشتتوا جمعهم وقتلوهم وأخرجوهم عن بلاد المغرب بأسره وفى أيام جورهم اشتدّ الجوع بالمغرب فتتخذ اهل مدينة فاس المطامير فى ديارهم وبيوتهم للحزن والطحن والطبيخ ليلا يسمع دوى الرحا وفيها أيضا اتخذوا غرفا لا ادراج لها اذا كان عشى النهار طلع رجل فيها بسلم هو وعياله وأولاده ثم يرفع السلم معه ليلا يدخل عليه فجاه *
الخبر عن الاحداث التي كانت في أيام زناتة بالمغرب من مغراوة
وبني يفرن وذلك من سنة ثمانين وثلاث مائة إلى سنة
اتنتين وستين وأربع مائة
سنة أحدى وثمانين وثلاث مائة كان محل شديد بالمغرب والاندلس وافريقية جفت من أجابه المياه جفونا كثيرا وجاء في هذه السنة بوادى سجلماسة سيل عظيم لم يعهد مثله ولم ير بتلك الأرض كلها فى تلك السنة محار فعجب الناس من وفيها ذلك