انتقل إلى المحتوى

صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/61

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٠ 

فاتبعه خلق كثير من الغوغاء وكان من بعض شرايعه أنه ينهى عن قص الشعر وتقليم الاظفار ونتف الإبطين والاستحداد واخذ الزينة ويقول لا تغيير لخلق الله فامر امير تلمسان بالقبض عليه فهرب وركب البحر من مرسى هنين إلى الاندلس فأشاع بها خبره وأمره فتبعه من سفهاء الناس امة عظيمة فبعث اليه ملك الاندلس فاستتابه فلم يتب فقتله وصلبه وهو يقول عند قتله أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، وفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين كانت ببلاد العدوة والاندلس فتحوط كثيرة عظيمة فنضبت المياه ولم يزل القحط يتوالى من سنة ثلاث وخمسين الى سنة خمس وستين، وفي سنة أربع وخمسين كسف بالقمر كله من أول اليل حتى أصبح ولم ينجل، وفى سنة ستين وماتين عم الغلاء والقحط جميع بلاد المغرب والاندلس وافريقية ومصر وبلاد الحجاز كلها حتى رحل الناس من مكة إلى الشام وبقيت مكة خالية ليس بها الا نفر يسير وسدنة الكعبة فبقيت كذلك مدة وكان فيها ببلاد المغرب والاندلس وباء عظيم مع غلاء السعر وعدم الاقوات فات فيها خلق كثير، وفى سنة ست وخمسين ومائتين كانت بالسماء كمرة عظيمة من أول اليل الى اخره ولم يعهد قبل ذلك مثلها وذلك في ليلة السبت لتسع باقين من صفر من السنة المذكورة، وفى سنة سبع وستين ومائتين في يوم الخميس الثاني والعشرين من شوّال منها كانت زلزلة عظيمة ماسمع الناس مثلها قبلها تهدمت منها القصور وانحطت منها الصخور والجبال وهرب الناس من المدن الى البرية من شدّة اضطراب الارض وتساقط السقوف والمحيطان والدور وفرت الطيور عن أوكارها وفراخها وماجت فى الهوى زماناً حتى سكنت الزلزلة وعمت هذه الرجفة بلاد العدوة من تلمسان الى طنجة وجميع بلاد الاندلس سهاها وجباتها من البحر الشامى الى أقصى المغرب الا أنها لم يمت فيها أحد لطفا من الله تعالى بخلقه، وفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين توفي الامام محمد بن عبد الرحمان بن الحاتم ملك الاندلس وولى ولده المنذر، وفى سنة ست وسبعين ومائتين طبقت الفتنة جميع افاق الاندلس والمغرب وافريقية، وفى سنة خمس وثمانين ومائتين كانت المجاعة الشديدة التي عمت جميع بلاد الاندلس وبلاد العدوة حتى أكل الناس بعضهم بعضا ثم أعقب ذلك وباء ومرض وموت كثير هلك فيها من الناس ما لا يحصى فكان يدفن في القبر الواحد اعداد من الناس لكثرة الموتى وفلة من يقوم بهم وكانوا يدفنون من خبر غسل ولا صلادة وفى سنة تسع وتسعين ومائتين كان الكسوف العظيم للشمس كسفت الشمس طلبا وذلك فى يوم الاربعاء التاسع والعشرين من شوال تم