٥٣
فلمّا قرب منها، هرب عنها مدين بن موسى، فدخلها حميد فولّى عليها حامد بن
حمدان الهمدانيّ، وانصرف الى افريقيّة، وتظاهر بنو أدريس الذين بحجر النسر على أبي
الفتح قائد ابن أبى العافية، فهزموه ونهبوا عسكره وذلك حين بلغهم هزيمة ابن أبي
العافية وهروب مدين ابنه عن مدينة فاس، وتملّك حامد عليها فى سنة أحدى وعشرين
وثلاث مائة، واقام حامد بن حمدان الهمدانيّ عاملا على فاس الى ان ثار عليه احمد بن
ابى بكر بن عبد الرحمان بن سهل، فقتل حامدا وبعث برأسه و بولده الى موسى بن
أبى العافية فبعث بهم موسى إلى أمير المومنين الناصر لدين الله يقرطبة، أقام احمد بن
أبي بكر عاملا على فاس لموسى بن أبى العافية إلى أن قدم ميسور الفتىّ قائد أبي
القاسم الشيعيّ وذلك فى سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة بعثه إلى المغرب على أثر والده
عبيد الله الفهريّ، فحاصر میسور مدينة فاس اياما الى أن خرج اليه أحمد بن أبي بكر
مبايعا، واخرج له هدية عظيمة ومالا جسيما، فقبض منه المال والهدية وتقفه في الفيود
وبعث به إلى المهدية، فسدّ اهل مدينة فاس مدينتهم في وجه ميسور الفتىّ ولم
يمكّنوه من دخولها وقدّموا على أنفسهم حسنّ بن قاسم اللواتىّ فحاربهم ميسور مدّة
سبعة أشهر، فلم يقدر عليهم بشى فصالحهم ميسور على أن أعطوه ستّة الاف دينار
واقتطاع و لبود وقرب للماء وانات، وكتبوا ببيعتهم إلى أمير المومنين أبي القاسم الشيعيّ.
وكتبوا اسمه في سكّتهم، وخطبوا له على منابرهم، فقبل میسور ذلك منهم، وارتحل
عنهم نحو موسى بن أبي العافية، حتّى لحق به فكانت بينهما حروب عظيمة ولى معظم
تلك الحروب بنو أدريس قاتلوه حتىّ هرب الى الصحراء أمامهم وتملّك الادارسة اكثر
كان بيد موسى بن أبى العافية، قايمين بدعوة أبي القاسم الشيعيّ، فلم يزل أبن أبي
العافية شريدا في الصحراء واطراف البلاد التي بقت بيده وذلك من مدينة أجرسيف
الى مدينة تكرور الى ان قتل ببعض بلاد ملوية، وذلك في سنة أحدى واربعين مانة.
وقيل في سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، قله البرنوسى فولى بعده ابراهيم ولده إلى أن
توفّى في سنة خمسين وثلاث مائة فولى بعده ولده عبد الله بن ابراهيم بن موسى بن
أبى العافية الى أن توفّى في سنة ستين وثلاث مائة فولى عمله بعده ولده محمد
وعليه انقرضت أيام بني أبى العافية المكناسيّين سنة ثلاث وستّين وثلاث مائة، وذكر
بعض المؤرخين لايامهم، أنه لمّا توفّى محمد بن عبد بن الله بن ابراهيم بن موسى ابن
أبى العافية، ولى بعده ولده القاسم بن محمّد المحارب للمتونة، فكانت بينه وبينهم حروب
كثيرة إلى أن غلب عليه يوسف بن تاشفين، فقتله واستاصل بلاده حتى قطع مسافة
قرية.