٢٧
سكّانها و قطّانها للخير و اعنّهم عليه و اكفّهم مؤنة اعدآئهم و ادرّ عليهم الارزاق و اغمد عنهم سيف الفتنة و الشقاق و النفاق انك على كلّ شاء قدير، فامن الناس على دعائه فكثرت الخيرات بالمدينة و ظهرت البركات فكان الزرع بها فى ايام ادريس و ايام ذريته لا يباع و لا يشترى لكثرته فبلغ وسق القمح بها فى ايامهم درهمين و وسق الشعير درهما و القطنيه ما لها سوم و الكبش بدرهم و نصف و البقرة باربعة دراهم و العسل خمسة و عشرين رطلا بدرهم و الفاكهة لا تباع و لا تشترى من كثرتها دام ذلك بها خمسين سنة، و لما فرغ ادريس من بناء المدينة و انتقل اليها بجملته و استوطنها و اتخذها دار ملكه اقام بها الى سنة سبع و تسعين و مائة فخرج الى غزو نفيس و بلاد المصامدة فوصل اليها فدخل مدينة نفيس و مدينة اغمات و فتح سائر بلاد المصامدة و رجع الى مدينة فاس فاقام بها الى شهر محرّم من سنة تسع و تسعين فخرج منها برسم غزو قبائل نفزة فسار حتى غلب عليهم و دخل مدينة تلسمان فنظر فى احوالها و صلح اسوارها و جامعها و صنع فيها منبرا، قال ابو مروان عبد الملك الورّاق دخلت مسجد تلمسان فى سنة خمس و خمسين و خمس مائة فرايت فى راس منبرها لوحا من بقية منبر قديم قد سمّر عليه هنالك مكتوب هذا ما امر به الامام ادريس بن ادريس بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن علىّ رضى الله عنهم فى شهر محرّم سنة تسع و تسعين و مائة، فاقام ادريس بمدينة تلمسان و احوازها ثلاث سنين ثم رجع الى مدينة فاس فلم يزل بها الى ان توفّى رحمه الله فى سنة ثلاث عشر و مائتين و هو ابن ثلاث و ثلاثين سنة و دفن مسجده بازاء الحائط الشرقّى منها و قيل دفن قبلتها، و قال البرنوسىّ توفّى ادريس بن ادريس بمدينة و ليلى من بلاد زرهون فى الثانى عشر من جمادى الاخرة سنة ثلاث عشر و مائتين المذكورة و سنه يومئذ ثمان و ثلاثين سنة و دفن الى جانب قبر ابيه برباطة وليلى و كان سبب وفاته انه اكل عنبا فسوّق حبّة منه فمات من حينه فكانت ايام ملكه بالمغرب ستّ و عشرين سنة و خلف من الولد اثنى عشر ذكرا اوّلهم محمّد و عبد الله و عيسى و ادريس و احمد و جعفر و يحيى و القاسم و عمر و علىّ و داوود و حمزة فولى بعده محمّد و هو اكبر منهم.
الخبر عن دولة الامير محمد بن ادريس بن ادريس الحسنى بالمغرب
هو الامير محمّد بن الامام ادريس بن ادريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علىّ بن ابى طالب رضى الله عنهم امّه حرّة من اشراف نفزة صفته اسمر اللون حسن