١٩
مائة سنة انه وجد فى كتاب علمه انه كان بهذا الموضع مدينة تسمّى ساف خربة منذ الف سنة و سبع مائة سنة و انه يجدّدها و يحيى ءاثرها و يقيم دارسها رجل من ءال بيت النبوّة يسمّى ادريس يكون لها شان عظيم و قدر جسيم لا يزال دين الاسلام قائم بها الى يوم القيامة فقال ادريس الحمد لله انا ادريس و انا من ءال بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و انا بانيها ان شاء الله تعالى، فكان ذلك مما قوى عزم ادريس على بنائها فشرع فى حفر اساسها، قال المؤلف و يدلّ على صحّة هذه الروائة ما رواه البرنوسىّ أنّ رجلا من اليهود احتفر اساس دار يبنيها لسكناه بقنطرة عزيلة من المدينة المذكورة و الموضع يومئذ شعرة بالطخش و البلوط و الطرفاء و غير ذلك فوجد فى الاساس دمية رخام على صورة جارية منقوشة على صدرها بالخطّ المسند هذا موضع حمام عمر الف سنة ثم خرب فاقيم بموضعه بيعة للعبادة، و كان تاسيس ادريس لمدينة فاس على ما ذكره المورّخون الذين عنوا بتاريخها و بحثوا عن ابتداء امرها فى يوم الخميس غرّة ربيع الاوّل المبارك سنة اثنين و تسعين و مائة للهجرة اسّس عدوة الاندلس منها و ادار بها السور و بعدها بسنة اسّست عدوة الفرويين و ذلك فى غرّة ربيع الاخر من سنة ثلاث و تسعين و مائة و ابتدا ببناء سورة عدوة الاندلس القبلى فادار السور على جميعها و بنا بها الجامع الذى برحبة البير المعروف بجامع الاشياخ و اقام به الخطبة ثم شرع فى بناء العدوة القروبين فى سنة ثلاثة و تسعين المذكورة و كان موضعها شعرة و غياضا ملتفة فكان يقطع الشجرة و الخشب و يبنى فى موضعه و عجبه ما رءاه من كثرة العيون بها و تدفّق الانهار فانتقل عن عدوة الاندلس اليها و نزل منها بموضع يعرف بالفرمدة و ضرب فيه قيطونة فاخذ فى بناء الجامع فبنا المسجد المعروف الان بجامع الشرفاء شرّفه الله بذكره و اقام فيه الخطبة ثم اخذ فى بناء داره المعروفة الان بدار القيطون التى يسكنها الشرفاء الجوطيون من ولده ثم بنا القيسارية الى جانب المسجد الجامع و ادار الاسواق حوله من كلّ جانب و امر الناس بالبناء و الغرس و قال لهم من انشاء موضعا و اغترسه قبل تمام السور بالبناء فهو له هبة ابتغاء وجه الله تعالى فبنا الناس الديار و اغترسوا الثمار و كثرت العمارة و الغيطة فكان الرجل يختطّ موضع منزله و بستانه من الشعرا ثم يقطع منه الخشب فيبنى به لا يحتاج الى خشب غيره، و وفد عليه فى تلك الايام جماعة من الفرس من بلاد العراق فانزلهم بناحية عين علون و منهم بنو ملونة و كانت عين علون شعرا من طخش و عليون و كلخ و بسباس و اشجار برية و كان بها عبد اسود يقطع الطريق هنالك و كان الناس قبل بناء المدينة يتحامونها و لا يمرّون بتلك الناحية و لا يقدر احد على سلوكها من اجل