انتقل إلى المحتوى

صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/18

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٧ 

قال المؤلف ويخرج تهر مدينة فاس منها ويسقى جناتها ويحايرها إلى أن ينصب بوادي سبوا على مقدار الميلين منها وماء نهر مدينة فاس من أفضل مياه الارض وأهذبها واخفها يخرج من عيون من أعلاها في بسيط الأرض من ستين عنصرا كلها تنبعث من جهة القبلة وثلاثة عناصر من قبل المغرب على محو عشرة أميال من المدينة فيجتمع ما يخرج من تلك العناصر من الماء فيصير نهرا كبيرا فيجرى فى بسيط من الارض على الدريس والسعداء من منبعته حتى ينحدر على المدينة فى مروج خضر لا يزال كذلك صيفا وشتا حتى يدخل البلد فينقسم في داخلها على جداول كثيرة كما قدمنا، ومن فضايل ما هذا النهر أنه يقتت الحصى ويذهب الحنان لمن اغتسل به ودام على شربه ويلين البشرة وبقطع القمل ويسرع الهضم ويشرب على الريق فلا يعدى ومن يستكثر من شربه فلا يضره وذلك لأجل جريانه على الكرفس والسعداء فهو في نهاية الحقة والعذوبة ومن فصايل ماء هذا النهر ما ذكره ابن جنون المتطبب انه ينبه شهوة الجماع اذاشرب على الريق ومن فضله أنه تغسل فيه الثياب بغير صابون يبيضها ويكسوها رونقا وبصيصا ورائحة طيبة كما يفعل الصابون فيقسم عليها أنها غسلت بالصابون، ومن فضائل نهر مدينة فاس أنه يخرج الصدف الحسن الذي يقوم مقام الجوهر النفيس تباع الحبة منه متقال ذهب واقل وأكثر وذلك لحسنه وصفايه وعظم جرمه ويوجد في مياه هذا النهر السواطين وليست توجد في مياه الاندلس الا نادرا ويخرج فيه أيضا أنواع من لموت اللبيس والبوارى والسنياج والبوقة وهو حوت لذيذ الطعم كثير المنفعة وعلى الجملةأن ماء نهر مدينة فاس يفوق مياه المغرب فى العذوبة والخفة وكثرة المنفعة، وتفوق مدينة فاس غيرها من بلاد بمعدن الملح الذي عليها ليس فى معصور الارض معدن مليح مثله وهو على نحو ستة أميال منها وحلول هذه الملاحة نحو ثمانية عشر ميلا أولها من محشر الشطبى واخرها بوادی مکس عند دمنة القبول وفى هذه الملاحة اصناف من الملح لا يشبع بعضها بعضا في الالوان والصفات فالملح بالمدينة كثير جدا يباع عشرةأصواع بدرهم وأقل وأكثر بحسب ما يجلب ومن بركة هذه الملاحة أنها كلها تحرث بالزرع فتجد فدادين التزرع في وسط الملح خضرة ناعمة تتمايل خاماتها فضلا من الله تعالى وبركة منه وكان الملح قبل هذا يباع بالمدينة حمل بدرهم لا يجد بايعه من يشتر به منه لكثرته، وعلى مسيرة ثلاثين ميلا من مدينة فاس جبال بني يازغة حيث يقطع عشب الارز فيجلب الى المدينة منه في كل يوم ما لا ما لا يحصى كثره، ومن هذا الجبال ينبعث نهر سبوا من عنصر واحد شبه مغارة فيسير حتى يمر بشرقي مدينة فاس على مقدار من