انتقل إلى المحتوى

صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (طبعة أوبسالا، 1259هـ ).pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٨ 


مغراوة و بنى يافرن فوصل مدينة تلمسان و نزل خارجها فاتاه اميرها محمد بن خزر بن صولات المغراوىّ الخزرىّ فطلب منه امانه فامنه ادريس و بايعه محمّد بن خزر و جميع من معه بتلمسان من قبائل زناتة فدخل ادريس مدينة تلمسان صلحا فأمن اهلها و بنا مسجدها و اتفنها و صنع فيها منبرا و كتب عليه بسم الله الرحمان الرحيم هذا ما امر به الامام ادريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسين رضى الله عنهم و ذلك فى شهر صفر سنة اربع و سبعين و مائة، فاتّصل بالرشيد ان ادريس قد استقام له امر المغرب و بايعه كافة من به من القبائل و انه قد فتح مدينة تلمسان و بنا مسجدها و أخبر بحزمه و حاله و كثرة جنوده و شدّتهم فى الحرب و انه قد عزم على غزو افريقيّة فخاف الرشيد ان يعظم امره فيصل اليه لما يعلم من فضله و كماله و محبّةالناس فى اهل بيت النبىّ صلّى الله عليه و سلّم فاغتمّ لذلك غمّا شديدا و عظم عليه شانه فبعث الى وزيره القايم بامر مملكته و صلاح سلطانه يحيى بن خالد بن برمك فاخبره بامر ادريس و استشاره فيه و قال له انه ولد علىّ بن ابى طالب و ابن فاطمة بنت النبىّ صلّى الله على و سلّم و قد قوى سلطانه و كثرت جيوشه و علا شانه و اشتهر اسمه و فتح مدينة تلمسان و هو باب افريقيّة و من ملك الباب يوشك ان يدخل الدار و قد عزمت ان ابعث له جيشا عظيما لقتاله ثم انى فكرت فى بعد البلاد و طول المسافة و تنافى المغرب عن المشرق و لا طاقة لجيوش العراق على الموصل الى السوس من ارض المغرب فرجعت من ذلك و قد هالنى امره فاشر علىّ برايك فيه، و قال له يحيى بن خالد يا امير المومنين ان امن الراى ان تبعث اليه برجل ذى حزم و مكر و دهاء و لسان و اقدام و جرءة فيقتله و يستريح منه فقال الراى ما ذكرت فمن يكن الرجل فقال يا امير المومنين اعرف فى حاشيتى رجلا اسمه سليمان بن جرير من اهل الحزم و الاقدام و الفتك و الشجاعة و العلم بالجدل و الكلام و المكر و الدهاء تبعث به اليه فبعث له قال اسرع بذلك الان فخرج الوزير يحيى الى سليمان بن جرير فعرّفه المقصود و ما يريد منه امير المومنين و وعد له على ذلك الرفعة و المنزلة العالية و الهنات السنية وعدناه اموالا جليلة و تحفا مستظرفة و جهّزه بما يحتاج اليه، فخرج سليمان بن جرير من بغداد ليجدّ السير حتى وصل الى المغرب فقدم على ادريس بمدينة و ليلى فسلّم عليه فسأله الامام ادريس عن اسمه و نسبه و من اىّ البلاد قدم و ما سبب قدومه الى المغرب فذكر له انه من بعض موالى ابيه و انه اتّصل به خبرهفاتاه برسم خدمته لاجل محبّته و ولايته لاهل البيت اذ لا يعدل فيهم احد و لا يقاس بهم سواهم فانس به ادريس و سكن الى قوله و سرّ به سرورا عظيما و ركن اليه و حلّ من قلبه بمنزلة رفيعة فكان لا يقعد و لا يأكل الا معه لانه لم يجد فى بلاد المغرب من