٤
الخبر عن ملوك المغرب من الادارسة الحسنيين رضى الله عنهم و ذكر قيامهم فيه و بنيانهم مدينة فاس دار ملكهم و قرار سلطانهم
قال المؤلف للكتاب عفا الله عنه كان السبب فى دخول الادراسة الحسنيين المغرب و تملكهم عليها انّ الامام محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنهم كان قام على امير المومنين ابى جعفر المنصور العبّاسىّ بالحجاز منكرا لجوره و عسفه و ذلك فى سنة خمس و اربعين و مائة سنة ارسل اليه المنصور جيشا عظيما الى المدينة فهزم الامام محمّد و قبض على جماعة من اصحابه و اهل بيته و فرّ هو الى بلاد النوبة فقام بها الى ان توفّى المنصور، و ولى الخلافة بعده ولده المهدى فصار محمّد بن عبد الله بن حسن الى مكّة فى ايام الموسم فلما وصلها. دعا بها الناس الى بيعته فبايعه خلق كثير و تابعه جميع اهل مكّة و المدينة و عامة اهل بلاد الحجاز و كان يدعا بالنفس الزكية لنسكه و كثرة عبادته و زهده و ورعه و عمله و فضله و كان له ستة اخوة و هم يحيى و سليمان و ابراهيم و عيسى و علّى و ادريس فبعث منهم دعّاة الى الامصار يدعون الى امامته و بيعته بعث علىّ الى افريقيّة فاجابه بها خلق كثير من قبائل البربر و بقى هنالك الى ان توفّى و لم يتم له امر و بعث اخاه يحيى الى خراسان فافام بها حتى فتل اخوه محمّد ففرّ الى بلاد الديلم فاسلم على يديه منهم خلق كثير و دعا لنفسه فبايعه عالم عظيم و قوى امره و ذلك فى اول خلافة الرشيد فلم يزل الرشيد يبعث له بالجيوش و يدبّر عليه الحيلة حتى اتاه بالامان فاقام عنده مدّة الى ان مات مسموما فى ايام الرشيد و بعث ايضا اخاه سليمان الى بلاد مصر داعيا للامصار و لما اتّصل به قتل اخيه سار الى بلاد النوبة ثم الى بلاد السودان ثم خرج منها الى زاب افريقيّة ثم سار الى تلمسان من بلاد المغرب فنزلها و استوطنها و ذلك فى ايام اخيه ادريس فكان له بها اولاد كثيرة فكل حسنىّ هنالك فمن نسل سليمان ابن عبد الله بن حسن و قد دخل اكثر ولده الى بلاد القبلة و السوس الاقصى و لما قويت شوكة الامام محمّد بمكّة شرّفها الله و بويع له فى كثير من الامصار و ظهرت دعّاته فى اكثر البلاد خاف امير المومنين العبّاسىّ المهدى من امره فصرف وجهه اليه بجيش من ثلاثين الف فارس فخرج الامام محمّد الى لقآء جيش المهدى و قتاله فى عسكر عظيم من اهل الحجاز و اليمن و غيرهم فالتقى الجمعان بموضع يعرف بفجّ على ستة اميال من مكّة شرّفها الله فكان بينهما قتال شديد و حروب عظيمة قتل فيها الامام محمّد بن