٣
الفتح المبين و جعل الخلافة كلمة قايمة فى عقبه الى يوم الدين و لا زال للخلافة يحيى آثارها و يجدد اظهارها و يعلى منارها و يجلو انوارها و السعد يختم بفنائه و المسرّة تزدحم ببابه و انحائه و النصر مقرون براياته و الويته و قلوب الأيمّة مجتمعة على طاعته و محبّته ما دام ثوب الليل بالصبح معلم و غنى الحمام على غصن و ترنّم لا زال يحيى حمى الاسلام مجتهدا فى الحق ينظر للدنيا و الدين ينال ما شاء من اشياء مقاصده يفنى و يعطى عطاء غير ممنون، و انى لما رايت مكارم دولته السعيدة مقام سعادة اطالها الله و خلدها و اعلى كلمتها و ايّدها تنظم نظم الجمان، و صور محاسنها تتلى بكل لسان، و غرر مآثارها تشرف بكل ناحية و مكان، و غرر انوارها تكفى عن الغزل، و تسير سير المثل، اردت خدمة جمالها، و التقرب الى كمالها، و التفيئ بظلالها،و الورود من عذب زلالها، بتاليف كتاب جامع لطيف الاخبار و ملح الآداب يحتوى على غرر من التاريخ و عجائبه و نوادر الاثار و غرائبه يخبر بنبذ من اخبار ملوك المغرب المتقدمين، و امرائه الماضين، و اممه السالفين، و تاريخ ايامهم و ذكر انسابهم و اعمارهم و سيرهم، و غزواتهم و احوالهم فى دولتهم، و ما رسموه بالمغرب من المراسم، و صنعوه من المصانع و المعالم، و فتحوه من البلاد و الاقالم، و بنوه من الحصون و المدن و المكارم، اذكرهم اميرا بعد امير و ملكا بعد ملك و خليفة بعد خليفة و امّة بعد امّة على حسب تواليهم فى اعصارهم و مراتبهم فى دولتهم و ارسانهم كما وقع فى الزمان، من اول دولة الامير ادريس بن عبد الله الحسنى الى هذا الاوان، ابذل فيه جهدى و اظهر جلدى بقدر الوسع و الإمكان، و مساعدة الزمان، فاستخرت الله تعالى فى تاليفه و استعنته فى تقييده و تصنيفه، فسهّل الله علىّ ما اردته من ذلك و يسّره كله بفضله و بركة مولانا اميرالمسلمين الظاهرة الباهرة، فألفت هذا المجموع المقتضب انتقيت جواهره من كتب التاريخ المعتمد عليها و جمعت شواردها عن مهاد المعوّل على محّتها و المرجوع اليها سوى ما رويته عن اشياخ التاريخ و الحفّاط و الكتّاب و قيدته عن الروات الثقات الانجاب و حذفت فيه الاسناد خيفة الاكثار و الامتداد و تركت التسهيب و التطويل و تجنبت الاختصار و التقليل و جعلته كتابا مخرجا عن التوسّط فهو خير الامور معتمدا فى ذلك على ما رواه الجمهور عن النبى صلّى الله عليه و سلم فى الحديث الماثور اذ قال يؤدّب امته و يبسطها خير الامور اوساطها، و سميته الانيس المطرب بروض القرطاس فى اخبار ملوك المغرب و تاريخ مدينة فاس، و الله تعالى يعصمنا فيه من الرلل، و يجنبنا الخطاء فى القول و العمل، و يبلغنا فيه السؤل و الامل، و يبقى لنا مولانا امير المسلمين تعلوا على الدولات دولته و تمضى فى الاعداء اوامره و صولته منصورة اعلامه محمودةايامه لا ربّ غيره و لا خير الا خيره،