صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/5

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

الباب الأول

المعتقد والمعرفة



الفصل الأول

دائرة المعتقد ودائرة المعرفة

١ – صعوبة تفسير المعتقد

يخلطون المعتقد أحيانًا بالمعرفة على ما بينهما من اختلاف كبير؛ فالعلم والاعتقاد أمران مختلفان في تكوينهما ومصدرهما، وبالرأي والمعتقد يتم سيرنا، وعنهما تنشأ أكثر حوادث التاريخ، ولا فرق بينهما وبين الحادثات الأخرى من حيث كونهما تابعين لنواميس وإن كانت هذه النواميس لم تعين حتى الآن.

لقد ظُن على الدوام أن دائرة المعتقد حافلة بالأسرار، وهذا هو سبب قلة الكتب التي تضمَّنت البحث عن مصادر المعتقد، مع أن ما تضمَّن البحث عن المعرفة كثير إلى الغاية، وما أتى به من المساعي القليلة في اكتناه المعتقد يكفي لبيان قلة الاطلاع على حقيقة أمره في الماضي، فلما رضي المؤلفون برأي (ديكارت) في المعتقد قالوا إنه صادر عن العقل والإرادة. وسيكون من مقاصد هذا الكتاب إثبات كون المعتقد غير عقلي وغير إرادي.

وما غابت صعوبة اكتناه المعتقد عن الفيلسوف العظيم (باسكال) فقد أشار في فصل بحث فيه عن فن الإقناع إلى « أن الناس يعتقدون بتأثير العاطفة لا بتأثير الدليل والبرهان » ثم قال: « إن بيان كيفية هذا الاعتقاد أي الاعتقاد بتأثير العاطفة هو من الصعوبة والدقة والغرابة بحيث يستحيل على من هو مثلي »