صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/73

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
الآثار التي بالقسطنطينية

هي المعروفة عند الأتراك بالأمانات المباركة، ولم تزل محفوظة إلى اليوم بقصر طوبقبو بالقسطنطينية، وكان بنو عثمان يبالغون في تعظيمها، ويعدونها من مفاخر دولتهم، والذي يذكره عنها مؤرّخو الترك، أنها كانت عند الشرفاء أمراء مكة، فلما استولى السلطان سليم عَلَى مصر سنة ٩٢٣هـ طلبها من الشريف بركات أمير مكة وقتئذ، فبعث بها إليه مع ولده أبي نُمَيّ، فحملها السلطان إلى القسطنطينية في عودته إليها؛ وذهب بعضهم إلى أنها كانت عند الخلفاء العباسيين الذين كانوا بمصر فتسلمها السلطان من آخرهم، وهو المتوكل على الله محمد بن يعقوب1 بل ربما تجد هذا الخلاف في الكتاب الواحد فترى الرأي الأول في موضع منه ثم ترى الثاني في موضع آخر بلا تنبيه أو إشارة، غير إن أكثرهم


  1. هو آخر الخلفاء العباسيين بمصر بل آخرهم على الإطلاق وبموته انقرضت خلافتهم من الدنيا، وكان السلطان سليم العثماني بعد فتحه مصر أخذه معه إلى دار ملكه واعتقله بها ثم عاد بعد وفاته إلى مصر وأقام بها منعوتاً بالخليفة وبأمير المؤمنين إلى أن توفي في ولاية داود باشا سنة ٩٥٠ فما جاء في التاريخ التركي المسمى (علاوەلى أثمار التواريخ) من وفاته بالقسطنطينية ودفنه بجوار أبي أيوب الأنصاري غير صحيح فإن المدفون هناك أحد أقاربه الذين سافروا معه، وذكر قطب الدين الحنفي في الإعلام بأعلام بيت الله الحرام أن المتوكل هذا كان فاضلاً أديباً وأنه اجتمع به في رحلته إلى مصر لطلب العلم سنة ٩٤٢ وأخذ عنه وأورد من شعره قوله مضمناً شطراً من لامية الطغرائي:
    لم يبق من محسن يرجى ولا حسن
    ولا كريم إليه مشتكى حزني
    وإنما ساد قوم غير ذي حسب
    (ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني)

    وتمامه: (حتى أرى دولة الأوغاد والسفل).