صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/53

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٥٣ -

المجاورين1. ويرى الزائر في ركن من هذه الحجرة قبر ولده السلطان الملك الناصر أبي السعادات محمد، المتولي بعده عَلَى المملكة المصرية، والمتوفى مقتولاً في ١٥ ربيع الأول سنة ٩٠٤هـ، وبجواره حجر آخر أسود عليه أثر واحد يزعمون أنه أثر قدم الخليل عليه السلام، والشائع فيهما عند السدنة وسكان تلك الجهة أن السلطان استجلبهما من الحجاز ليوضعا بعد موته بجوار قبره تبركاً بهما، وهو شيء لم نره مسطوراً في تاريخ2، وإنما يذكره بعض أصحاب الرحلات عَلَى ما سمعوه من الأفواه، وذكره أيضًا العلامة شهاب الدين الخفاجي في نسيم الرياض شرح شفا القاضي عياض بما نصه: «قيل: إن السلطان قايتباي اشتراه بعشرين ألف دينار وأوصى بجعله عند قبره وهو موجود إلى الآن». قلنا: وإذا لم يصح شراء السلطان لهذين الحجرين أو أحدهما، فلا يبعد أن يكونا من الأحجار التي قيل إنها أحضرت من خيبر لشمس الدين ابن الزمن التاجر الشهير وجعلها بمدرسته التي كان شرع في إنشائها بشاطئ بولاق، وكان يقيم أحياناً بمكة للإشراف عَلَى أبنية الأشرف قايتباي بها ثم توفي بها سنة ٨٩٧، فيحتمل أنه أحضرها معه من الحجاز، ثم اختار السلطان منها هذين الحجرين


  1. هي المقبرة الشمالية الواقعة شرقي مساكن القاهرة وكان حدوثها في القرن الثامن وسميت بذلك لأنها أقرب المقابر للأزهر، وبها مدافن مجاوريه أي طلبته وفيها بقعة يكثر دفن علمائه بها تعرف ببستان العلماء، ولما توفي الشيخ المعتقد عبد الوهاب العفيفي المدرس بالأزهر سنة ١١٧٢ ودفن في مقبرة المجاورين سميت أيضًا بقرافة العفيفي.
  2. قال العلامة أحمد بن العجمي في تنزيه المصطفى المختار «لو كان للحجر الذي قيل: إن قايتباي اشتراه مجرد شائبة شهرة أيضاً لذكره الجلال السيوطي في ترجمته وعدّه في مناقبه فإنه كان في زمانه وأثنى عليه».