صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/51

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٥١ -

التوفيقية لعلي مبارك باشا، بما جاء عنه في كلامه عن قرية (أثر النبيّ) وزعمه أن الظاهر بيبرس هو الباني للمسجد وللقبة عَلَى هذا الأثر، فقد بيَّنا وهمه هذا فيما تقدم، وأن المسجد من بناء الصاحب تاج الدين ابن حِنا، وكان يعرف برباط الآثار، ثم تغيرت معالمه مع الزمن بما حدث فيه من التجديد، كما تغير اسمه بجامع أثر النبي، والراجح في هذا الحجر أنه لم يوضع بهذا المسجد إلا في القرون الأخيرة؛ إذ لو كان من زمن ابن حنا أو ما قرب منه، ما أغفل ذكره مؤرّخو تلك العصور، كما لم يغفلوا ذكر ما كان هنا من الآثار، ولم نجد له ذكرًا فيما اطلعنا عليه من الرِّحَل إلا في «الحقيقة والمجاز في رحلة الشام ومصر والحجاز» للعلامة عبد الغني النابلسي، وهي في وصف رحلته إلى هذه البقاع الثلاث في أوائل القرن الثاني عشر، وقد زاره باعتقاد وحسن نية، كما فعل بحجر قايتباي، وكانت زيارته له بعد زيارته لمقياس النيل بالروضة، فقال عنه ما نصه: «ثم قمنا من ذلك المكان، وركبنا وسرنا مع الجماعة بالسرور والأمان، إلى أن وصلنا إلى المسجد الذي فيه قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلنا إليه وصلّينا صلاة الظهر بالجماعة، ورأينا ذلك المسجد فدخلنا إلى قبة لطيفة، وبها البهجة والجلال والهيبة لطيفة، وهناك أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم في حجر شريف، مرتفع في طاق عال منيف، في الحائط القبلي وعليه الماوَرد1 والستر المسبول، وأنواع القبول، وقد عقدت عَلَى ذلك المكان قبة سامية البناء، جالبة الهناء، فتبركنا به وحصل لنا


  1. أي ماء الورد.