صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٥ -

كريمة أودعها فيه وهي قطعة من قصعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والميل الذي كان يكتحل به والدّرَفش1 وهو الإشفي الذي كان يخصف به نعله، ومصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي بخط يده رضي الله عنه، ويقال إن الصاحب اشترى ما ذكرناه من الآثار الكريمة النبوية بمائة ألف درهم، وبنى الرباط وجعل فيه الطعام للوارد والصادر والجراية لخدام تلك الآثار الشريفة. نفعه الله تعالى بقصده المبارك» اهـ.

فائدة: إنما خرج ابن بطوطة إلى الصعيد لأنه أراد أن يسلك في حجه طريق صحراء عيذاب، كما سلكها قبله ابن جبير في القرن السادس، فلم يتيسر له الحج منها كما تيسر لابن جبير لفتنة كانت قائمة بعيذاب منعته من ركوب البحر منها إلى جدة، فعاد أدراجه إلى القاهرة، وقد أقام حجاج مصر والمغرب زيادة عن مائتي سنة يسافرون إلى الحجاز من هذه الطريق فكانوا يركبون السفن في النيل من ساحل الفسطاط إلى قوص، ثم يعبرون هذه الصحراء عَلَى الإبل إلى عيذاب (بكسر العين المهملة أو فتحها) وهي


  1. الدرفش بكسر ففتح فسكون لفظة فارسية معناها الراية عربتها العرب بالسين المهملة وقد تقال بالمعجمة كأصلها وتطلق باللغتين على العلم الكبير والعظيم من الإبل والضخم من الرجال، ولم نقف على استعمالها بمعنى الأشفي إلا في عبارة ابن بطوطة فلعلها كانت مستعملة بهذا المعنى في عامية المغرب الأقصى في زمنه أو في اللغة المسماة بالشلحة (بفتح فسكون) التي تتكلم بها بعض القبائل، وأهل المغرب لا يعرفون هذه اللفظة الآن وقد وردت في شعر ابن قيس الرقيات بالسين المهملة بمعنى العلم في قوله:
    تكنه خرقة الدرفس من الشمـ
    ـس كليث يفرج الأجما

    وكذلك في قول البحتري من قصيدته في وصف إيوان كسرى:

    فإذا ما رأيت صورة أنطا
    كية ارتعت بين روم وفرس
    والمنايا مواثل وأنوشر
    وان يزجي الصفوف تحت الدرفس