صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/34

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٤ -

الخزانة علبة صغيرة من جوز فيها من الآثار الشريفة قطعة من قصعة وقطعة من العنزة وميل من نحاس أصفر ومخصف صغير وملقط صغير لإخراج الشوك من الرجل أو غيرها، وقد زرناه غير مرة، وهو مكان مليح في غاية النزاهة وما بعده إلا بساتين، وقد زرناه مرة فرآني الإمام جلال الدين ابن خطيب داريا الدمشقي بسوق كتب القاهرة، فسألني: أين كنتم؟ قلت: زرنا الآثار وكان معنا بعض الأدباء. فقال: هل نظم أحد في ذلك شيئاً؟ فقلت: لا. فقال: أنا زرته من أيام وكتبت فيه بيتين، فأنشدني ذلك، وهما:

يا عين إن بعد الحبيب وداره
ونأت مرابعه وشطَّ مزاره
فلك الهنا فلقد ظفرت بطائل
إن لم تريه فهذه آثاره

عنها انتهى كلام البرهان الحلبي ونقلناه من حاشيته المذكورة، وقد نقله أيضًا العلامة المَّقريّ في فتح المتعال باختلاف يسير في بعض الألفاظ.

ولما وصل ابن بطوطة الرحالة الشهير إلى مصر في أوائل القرن الثامن وأراد الخروج من القاهرة إلى الصعيد للحج مر بهذا الرباط ونزل به ليلة ووصفه في رحلته بقوله: «ثم كان سفري من مصر عن طريق الصعيد برسم الحجاز الشريف، فبت ليلة خروجي بالرباط الذي بناه الصاحب تاج الدين بن حنا بدير الطين1 وهو رباط عظيم بناه على مفاخر عظيمة وآثار


  1. دير الطين قرية على الشاطئ الشرقي للنيل جنوبي مصر القديمة وملاصقة من شماليها للقرية التي بها رباط الآثار المسماة الآن بأثر النبي، ولعل هذه لم تكن حدثت زمن ابن بطوطة؛ ولهذا قال عن الرباط: إنه بدير الطين لقربه منها، وكان بدير الطين جامع قديم غير الرباط عمَّره أيضاً الصاحب تاج الدين ابن حنا ووسَّعه بعد أن كان ضيقاً.