تقدم في مدائح الشعراء للخلفاء العباسيين ذكر آثار نبوية كانت في حيازتهم غير القضيب والبردة، وهي المنبر والسرير والخاتم والعمامة والسيف. وإلى القراء الكرام ما وقفنا عليه وما ظهر لنا فيها:
أما المنبر: فالثابت المحقق أن منبره صلى الله عليه وسلم الذي كان يخطب عليه لم ينقل من مسجده، وإنما كان معاوية رضي الله عنه أراد نقله إلى الشام، وكتب بذلك إلى مروان بن الحكم عامله بالمدينة، فلما اقتلعه كثر لغط الناس فحشى الفتنة وزاد فيه درجاً ورده، وقال: إنما اقتلعته لأزيد فيه. فبقي في مكانه حتى احترق باحتراق المسجد سنة ٦٥٤. فالمراد أن بني العباس ورثوه وهو في مكانه لا أنه نقل إليهم بالعراق كغيره من الآثار التي نقلت إليهم. وقد كان لاحتراق هذا الأثر النبوي وقع أليم في نفوس المسلمين ولا سيما عند ساكني المدينة وزائريها لما فاتهم من لمس رمانته التي كان صلى الله عليه وسلم يضع يده المباركة عليها ولمس موضع قدميه الشريفتين.
وأما السرير: فلم يكن له صلى الله عليه وسلم سرير كالذي للملوك يجلس عليه للحكم فيكون من بعده للخلفاء، وإنما كان له سرير ينام عليه قوائمه من ساج بعث به إليه أسعد بن زرارة. وفي سيرة ابن سيد الناس أن الناس من بعده كانوا يحملون عليه موتاهم تبركاً به. وقال البرهان