صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/127

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٢٧ -

بكفنه عام ثمانية عشر وسبعمائة ولم تعد الأرض عَلَى شيء من الجسد ولا من الكفن المصاحب له، وكان بين وفاته وظهور جسده عَلَى الحالة المذكورة خمسمائة سنة وأحد وأربعون سنة وثمانية أشهر.

وأما ثالثاً فإن الجلد إذا كان محفوظاً مصوناً من الماء والشمس ونحوهما لا يسرع إليه البلى بالكلية ولا يبعد بقاؤه هذه المدة وأزيد منها، وقد رأينا من الكتب المكتوبة ما له نحو من سبعمائة سنة مع كون كتابته في أوراق من الكاغد ويحل بأيدي كثير من الناس وتطرأ عليه أنواع من التغييرات كثيرة، فكيف بجلد البقر أو الإبل الغليظ المصون عن الأيدي والتغيرات. وعدم ذكر المقري وغيره لهذه النعل لا ينفيها إذ لم يستوعبوا ذكر النعال التي مشى بها عليه الصلاة والسلام في عمره، وإنما ذكروا منها ما حصلت لهم به رواية أو نقل لهم فيه أمر وما بقي أكثر مما ذكروا بكثير، وقد عد جماعة من الأئمة وهم علماء صلحاء رؤيتهم لهذه النعل التي بيد هؤلاء الشرفاء من أعظم نعم الله تعالى عليهم وتبركوا بها وشاهدوا بركتها ووجودها، وأي دليل أقوى من هذا فلا يعدل عنه إلى التجويزات العقلية التي لا مستند لها إلا الوقوف مع العادة إن سلمت.

(الثاني) ما زال الناس يتبركون بمثل النعل والقلنسوة والعكازة والسبحة ونحوها مما ترجى بركته، فأحرى بمرات عديدة ما كان من سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم، وما زالت حوائجه وآثاره عليه السلام بيد الصحابة فمن بعدهم على وجه الحفظ والأمانة والتبرك بها لا على سبيل الميراث، وذلك معلوم عند من طالع السير والتواريخ.