صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/105

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٠٥ -

فلم يلبث أن بلغه نبأ احتلال الفرنسيس للإسكندرية في المحرم من تلك السنة وشروعهم في الزحف عَلَى القاهرة، فخرج إليهم بجنوده من الجراكسة وغيرهم والتقى بهم جهة الرحمانية بالبحيرة فلم تكن غير مناوشات هينة نكص فيها على عقبيه إلى جهة إمبابة بالشاطئ الغربي للنيل تجاه القاهرة، وأخذ يتحصن بها فلحقه الفرنسيس فلم يقو عَلَى لقائهم وانهزم هو وجنده في أقل من ساعة وفر إلى الصعيد وفر الوالي العثماني وإبراهيم بك إلى جهة الشام وتشتت بقية الأمراء وتركوا الشياه للذئاب، وكان أهالي القاهرة قاموا قياماً محموداً أبانوا فيه عن نخوة وحمية وسخاء بالنفوس والأموال وساروا إلى بولاق بالشاطئ الشرقي لمساعدة الجنود فلما وقعت الهزيمة حوّل الفرنسيس الرمي إلى هذا الشاطئ فشتتوهم ودخلوا القاهرة يوم الثلاثاء العاشر من صفر.

وهذا نص ما ذكره الجبرتي عن قيام الأهالي ومسيرهم بهذا العَلَم إلى بولاق قبل ذلك بأسبوع، أي: في يوم الثلاثاء ٣ صفر سنة ١٢١٣: «وفي يوم الثلاثاء نادوا بالنفير العام وخروج الناس للمتاريس وكرروا المناداة بذلك كل يوم فأغلق الناس الدكاكين والأسواق وخرج الجميع لبر بولاق فكانت كل طائفة من طوائف أهل الصناعات يجمعون الدراهم من بعضهم وينصبون لهم خياماً أو يجلسون في مكان خرب أو مسجد ويرتبون لهم قيماً يصرف عليهم ما يحتاجون له من الدراهم التي جمعوها من بعضهم، وبعض الناس يتطوع بالإنفاق على البعض الآخر ومنهم من يجهز جماعة من المغاربة أو الشوام بالسلاح والأكل وغير ذلك، بحيث إن جميع الناس