صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٠ -

وذكر ابن خلّكان في وفياته عن ميمون بن هرون أنه قال: رأيت أبا جعفر أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري المؤرخ وحاله متماسكة فسألته فقال: كنت من جلساء المستعين فقصده الشعراء فقال: لست أقبل إلا ممن قال مثل قول البحتري في المتوكل:

فلو أن مشتَاقاً تكلّفَ فوق مَا
في وُسْعهِ لسعَى إليك المنبر

فرجعت إلى داري وأتيته، وقلت له: قد قلت فيك أحسن مما قاله البحتري في المتوكل فقال: هاته! فأنشدته:

ولو أن برد المصطفى إذّ لبسته
يظن لظن البرد أنك صاحبه
وقال وقد أَعطيتهُ وَلبسته
نعم هذه أعطافه وَمنَاكبه

فقال: أرجع إلى منزلك وافعل ما آمرك به، فرجعت فبعث إليَّ بسبعة آلاف دينار وقال: ادخر هذه للحوادث من بعدي، ولك عَلَيَّ الجراية الكفاية ما دمت حياً اهـ1. ومن ذلك قول الأبيوردي من قصيدة في المقتدي بالله:

إلى المقتـدي بالله والمقتدى به
طوين بنَا طيّ الرّداء الفيافيا
وَلُذنا بأطراف القوافي وَحسبنَا
من الفخر أن نهدي إليه القوافيا
ولم نتكلف نظمهن لأننَا
وَجـدنا المعالي فاخترعنا المعانيا
أيا وَارث البرد المعظم ربَّه
بلغنا المُنى حتى اقتسم التهانيا

  1. أورد عبد الرحيم العباسي البيتين والقصة ببعض اختصار في نوع الغلو من التنصيص، ومثله في فوات الوفيات لابن شاكر.