فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها وألقت نفسها على الآرص مغشيا عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع مثل من قبلها فقال الصعاليك ليتنا مادخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان فقد تكدر مبيتنا هنا بشىء يقطع الصلب فالتفت الخليفة اليهم وقال لهم لم ذلك قالوا قد اشتغل سرنا بهذا الامر فقال الخليفة ماانتم من هذا البيت قالوا لا ولا ظننا هذا الموضع الا للرجل الذى عندكم فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضع الا هذه الليله وليتنى بت على الكيمان ولم أبت فيه فقال الجميع نحن سبعة رجال وهن ثلاث نسوة وليس لهن رابعة فنسألهن عن حالهن فان لم يجبننا طوعا أجبنا كرها واتفق الجميع على ذلك فقال جعفر ما هذا رأى سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن وقد شرطن علينا شرطا فنوفي به ولم يبق من الليل الا القليل وكل منا يمضى الى حال سبيله ثم انه غمز الخليفة وقال ما بقى غير ساعة وفى غد تحضرهن بين يديك فتسألهن عن قصتهن فابى الخليفة وقال لم يبق لى صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال ثم قالوا ومن يسألهن فقال بعضهم الحمال ثم قال لهم النساء يا جماعة فى أي شىء تتكلمون فقام الحمال لصاحبة البيت وقال لها يا سيدتي سألتك بالله واقسم عليك به ان تخبرينا عن حال الكلبتين وأي سبب تعاقبينهما ثم تعودين تبكين وتقبلينهما وأن تخبرينا عن سبب ضرب أختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام فقالت صاحبة المكان للجماعة صحيح مايقوله عنكم قال الجميع نعم الا جعفر فانه سكت فلما سمعت الصبية كلامهم قالت والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا الاذية البالغة وتقدم لنا اننا شرطنا عليكم ان من تكلم فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه أما كفانا أننا أدخلناكم منزلنا وأطعمناكم زادنا ولكن لاذنب لكم وانما الذنب لمن أوصلكم الينا ثم شمرت عن معصمها وضربت الارض ثلاث ضربات وقالت عجلوا واذا بباب خزانة قد فتح وخرج منه سبعة عبيد وبايديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم وأربطوا بعضهم ببعض ففعلوا وقالوا أيتها المخدرة ائذني لنا فى ضرب رقابهم فقالت امهلوهم ساعة حتى أسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم فقال الحمال بالله يا سيدتي لا تقتلينى بذنب الغير فان الجميع أخطؤوا ودخلوا فى الذنب الا انا والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لاخربوها ثم انشد يقول
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/42
المظهر
كم قد أطلت الهجر لى متعمدا
ان كان قصدك حاسدى فقد اشتفى
لو انصف الدهر الخؤون لعاشق
ما كان يوم العواذل منصفا
فلمن أبوح بصبوتى يا قاتلى
يا خيبة الشاكى اذا فقد الوفا
ويزيد وجدى في هواك تلهفا
فمتى وعدت ولا رايتك مخلفا
يا مسلمون خذوا بثار متيم
ألف الشهادة لديه طرف ما غفا
أيحل فى شرع الغرام تذللى
ويكون غيرى بالوصال مشرفا
ولقد كلفت بحبكم متلذذا
وغدا عذولى فى الهوى فتكلفا
ما أحسن الغفران من قادر
لاسيما عن غير ذى ناصر