صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/204

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ما ادعاه التاجر لنتحقق صدق كلامه فقالوا لا بأس من ذلك فامر بارخاء ستارة بينه هو ومن معه وبين الجارية ومن معها وصار جميع الناس اللاتی مع الجارية خلف الستارة يقبلن يديها ورجلیها لما علموا أنها صارت زوجة الملك ثم درن حولها وقمن یخدمنها وخففن ما عليها من الثياب وصرن ينظرن حسنها وجمالها وسمعت نساء الامراء والوزراء ان الملك شركان اشتري جارية لا مثيل لها في الجمال والعلم والادب وانها حوت جميع العلوم وقد وزن ثمنها ثلثمائة الف دينار وأعتقها وكتب كتابه عليها وأحضر القضاة الاربعة لاجل امتحانها حتى ينظر كيف تجاوبهم عن أسئلتهم فطلب النساء الاذن من ازواجهن ومضين الى القصر الذی فيه نزهة الزمان فلما دخلن عليها وجدن الخدم وقوفا بين يديها وحين رأت نساء الامراء والوزراء داخلة عليها قامت اليهن وقابلتهن وقامت الجواری خلفها وتلقت النساء بالترحيب وصارت تتبسم فی وجوههن فاخذت قلوبهن وانزلتهن فی مراتبهن كأنها تربت معهن فتعجبن من حسنها وجمالها وعقلها وأدبها وقلن لبعضهن ما هذه جارية بل هي ملكة بنت ملك وصرن يعظمن قدرها وقلن لها يا سيدتنا أضاءت بك بلدتنا وشرفت بلادنا ومملكتنا فالمملكة مملكتك والقصر قصرك وكلنا جواريك فبالله لا تخلينا من احسانك والنظر الى حسنك فشكرتهن على ذلك هذا كله والستارة مرخاة بين نزهة الزمان ومن عندها من النساء وبين الملك شركان هو والقضاة الاربعة والتاجر ثم بعد ذلك ناداها الملك شركان وقال لها أيتها الجارية العزيزة فی زمانها ان هذا التاجر قد وصفك بالعلم والادب وادعى انك تعرفين فی جميع العلوم حتى علم النحو فاسمعينا من كل باب طرفا يسيرا فلما سمعت كلامه قالت سمعا وطاعة أيها الملك الباب الاول فی السياسات الملكية وما ينبغي لولاة الامور الشرعية وما يلزمهم من قبل الاخلاق المرضية اعلم ايها الملك ان مقاصد الخلق منتهية الى الدين والدنيا لانه لا يتوصل أحد الى الدين الا بالدنيا فان الدنيا نعم الطريق الى الآخرة ولیس ینتظم أمر الدنیا باعمال أهلها و أعمال الناس تنقسم الی أربعة أقسام الامارة والتجارة والزراعة والصناعة فالا مارة ینبغی لها السیاسة التامة والفراسَة الصادقة لان الامارة مدار عمارة الدنیا التی هي طریق الی الآخرة لان الله تعالى جعل الدنيا للعباد كزاد المسافر الى تحصيل المراد فينبغي لكل انسان ان يتناول منها بقدر ما يوصله الى الله ولا يتبع فی ذلك نفسه وهواه ولو تتناولها الناس بالعدل لانقطعت الخصومات ولكنهم تناولونها بالجور ومتابعة الهوى فتسبب عن انهما كهم عليها الخصومات فاحتاجوا الى سلطان لأجل أن ينصف بينهم ويضبط أمورهم ولولا ردع الملك الناس عن بعضهم لغلب قويهم على ضعيفهم وقد قال أزدشيران الدين والملك توأمان فالدين كنز والملك حارس وقد دلت الشرائع والعقول على انه يجب على الناس أن يتخذوا سلطانا يدفع الظالم عن المظلوم وينصف الضعيف من القوی ويكف باس العاتی والباغی واعلم ايها الملك انه على قدر حسن أخلاق السلطان يكون الزمان فانه قد قال رسول الله شيآن فی الناس ان صلحا صلح الناس وان فسدا فسد الناس العلماء والامراء وقد قال بعض الحكماء الملوك الثلاثة ملك ودين وملك محافظة على