صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/183

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

على هذا الحال الى أن أصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح ثم ركب الطائفتان واصطف الفريقان فلما خرج شركان الى الميدان رأى الافرنج قد ترجل منهم أكثر من نصفهم قدام فارس منهم ومشوا قدامه الي ان صاروا فی وسط الميدان فتأمل شركان ذلك الفارس فرآه الفارس المقدام عليهم وهو لابس قباء من أطلس أزرق وجهه فيه كالبدر اذا أشرق ومن فوقه زردية ضيفة العيون وبيده سيف مهند وهو راكب على جواد أدهم فی وجهه غرة كالدرهم وذلك الافرنجي لا نبات بعارضيه ثم انه لكز جواده حتي صار فی وسط الميدان وأشار الي المسلمين وهو يقول بلسان عربی فصيح يا شركان يا ابن عمر النعمان الذی ملك الحصون والبلدان دونك والحرب والطعان وابرز الى من قد ناصفك فی الميدان فأنت سيد قومك وأنا سيد قومی فمن غلب منا صاحبه أخذه هو وقومه تحت طاعته فما استتم كلامه حتى برز له شركان وقلبه من الغيظ ملآن وساق جواده حتى دنا من الافرنجي فی الميدان فكر عليه الافرنجي كالاسد الغضبان وصدمه صدمة الفرسان وأخذا فی الطعن والضرب وصارا الى حومة الميدان كأنهما جبلان يصطدمان أو بحران يلتطمان ولم يزالا فی قتال وحرب ونزال من أول النهار الى ان أقبل الليل بالاعتكار ثم انفصل كل منهما من صاحبه وعاد الي الی قومه فلما اجتمع شركان باصحابه قال لهم ما رأيت مثل هذا الفارس قط الا انی رأيت منه خصلة لم أرها من احد غيره وهو انه اذا لاح له فی خصمه مضرب قاتل يقلب الرمح ويضرب بعقبه ولكن ما أدری ماذا يكون منی ومنه ومرادی أن يكون فی عسكرنا مثله ومثل أصحابه وبات شركان فلما أصبح الصباح خرج له الافرنجي ونزل فی وسط الميدان وأقبل عليه شركان ثم أخذا فی القتال وأوسعا فی الحرب والمجال وامتدت اليهما الاعناق ولم يزالا فی حرب وكفاح وطعن بالرماح الي أن ولى النهار وأقبل الليل بالاعتكار ثم افترقا ورجعا الى قومهم وصار كل منهما يحكی لأصحابه ما لاقاه من صاحبه ثم ان الافرنجی قال لأصحابه فی غد يكون الانفصال وباتوا تلك الليلة الى الصباح ثم ركب الاثنان وحملا على بعضهما ولم يزالا فی الحرب الي نصف النهار وبعد ذلك عمل الافرنجي حیلة ولكز جواده ثم جذبه اللجام فعثر به فرماه فانكب عليه شركان وأراد أن يضربه بالسيف خوفا أن يطول به المطال فصاح به بالافرنجي وقال يا شركان ما هكذا تكون الفرسان انما هو فعل المغلوب بالنسوان فلما سمع شركان من ذلك الفارس هذا الكلام رفع طرف اليه وأمعن النظر فيه فوجده الملكة أبريزة التی وقع له معها ما وقع فی الدير فلما عرفها رمى السيف من يده وقبل الارض بين يديها وقال لها ما حملك على هذه الفعال فقالت له أردت أن أختبرك فی الميدان وانظر ثباتك فی الحرب والطعان وهؤلاء الذين معي كلهم جواري وكلهن بنات أبكار وقد قهرن فرسانك فی حومة الميدان ولولا ان جوادی قد عثر بی لكنت ترى قوتی وجلادی فتبسم شركان من قولها وقال الحمد لله على السلامة وعلى اجتماعي بك يا ملكة الزمان ثم ان الملكة أبريزة صاحت على جواريها وأمرتهن بالرحيل بعد أن يطلقن