صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/177

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ثم انهما لم يزالا على ذلك إلى أن أقبل الليل فكان ذلك اليوم أحسن من اليوم الذی قبله فلما أقبل الليل مضت الجارية الى مرقدها وانصرف شركان الى موضعه فنام الى الصباح ثم أقبلت عليه الجواری بالدفوف وآلات الطرب وأخذوه كالعادة الى أن وصلوا إلى الجارية فلما رأته نهضت قائمة وأمسكته من يده وأجلسته بجانبها وسألته عن مبيته فدعا لها بطول البقاء ثم أخذت العود وأنشدت هذين البيتين

لا ترکنن الی الفراق فانه مرالمذاق الشمس عند غروبها تصفر من ألم الفراق

فبينما هما على هذه الحالة واذا هما بضجة فالتفتا فرأيا رجالا وشبانا مقبلين وغالبهم بطارقة وبايديهم السيوف مسلولة تلمع وهم يقولون بلسان الرومية وقعت عندنا يا شركان فايقن الهلاك فلما سمع شركان هذا الكلام قال فی نفسه لعل هذه الجارية الجميلة خدعتنی وأمهلتنی إلى أن جاءت رجالها وهم البطارقة الذين خوفتنی بهم ولكن أنا الذی جنيت على نفسی والقيتها فی الهلاك ثم التفت إلى الجارية ليعاتبها فوجد وجهها قد تغير بالاصفرار ثم وثبت على قدميها وهی تقول لهم من أنتم فقال لها البطريق المقدم عليهم أيتها الملكة الكريمة والدرة اليتيمة أما تعرفين الذي عندك من هو قالت له لا أعرفه فمن هو فقال لها هذا مخرب البلدان وسيد الفرسان هذا شركان بن الملك عمر النعمان هذا الذی فتح القلاع وملك كل حصن مناع وقد وصل خبره الى الملك حردوب والدك من العجوز ذات الدواهی وتحقق ذلك والدك ملکنا نقلا عن العجوز وها أنت قد نصرت عسكر الروم باخذ هذا الاسود المشئوم فلما سمعت كلام البطريق نظرت اليه وقالت له ما اسمك قال لها اسمی ماسورة بن عبدك موسورة بن كاشردة بطريق البطارقة قالت له كيف دخلت علی بغير اذنی فقال لها يا مولاتي انی لماوصلت إلى الباب ما منعنی حاجب ولا بواب بل قام جميع البوابين ومشوا بين أيدينا كما جرت به العادة انه إذا جاء أحد غيرنا يتركونه واقفا على الباب حتى يستأذنوا عليه بالدخول وليس هذا وقت اطالة الكلام والملك منتظر رجوعنا اليه بهذا الملك الذی هو شرارة جمرة عسكر الاسلام لاجل أن يقتله ويرحل عسكره إلى المواضع الذی جاؤوا منه من غير أن يحصل لنا تعب فی قتالهم فلما سمعت الجارية هذا الكلام قالت له ان هذا الكلام غير حسن ولكن قد كذبت العجوز ذات الدواهی فانها قد تكلمت بكلام باطل لا تعلم حقيقته وحق المسيح ان الذی عندی ما هو شركان ولا أسرته ولكن رجل أتى الينا وقدم علينا فطلب الضيافة فاضفناه فان تحققنا انه شركان بعينه وثبت عندنا انه هو من غير شك فلا يليق بمروءتی أنی أمكنكم منه لانه دخل تحت عهدی وذمتی فلا تخونونی فی ضيفی ولا تفضحونی بين الانام بل ارجع أنت الى الملك أبی وقبل الارض بين يديه واخبره بان الامر بخلاف ما قالته العجوز ذات الدواهی فقال البطريق ماسورة يا ابريزة أنا ما أقدر أن أعود الى الملك الا بغريمه فلما سمعت هذا الكلام قالت لا كان هذا الامر فانه عنوان السفه لان هذا رجل واحد وأنتم مائة بطریق فاذا أردتم مصادمته فابرزوا له واحدا بعد واحد ليظهر عند