صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/170

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الخيام وافترق العسكر يمينا وشمالا ونزل الوزير دندان وصحبته رسل أفريدون صاحب القسطنطينية فی وسط ذلك الوادي وأما الملك شركان فانه كان فی وقت وصول العسكر وقف بعدهم ساعة حتى نزلوا جميعهم وتفرقوا فی جوانب الوادی ثم انه أرخى عنان جواده وأراد أن يكشف ذلك الوادی ويتولى الحرس بنفسه لاجل وصية والده اياه فانهم فی أول بلاد الروم وأرض العدو فسار وحده بعد ان أمر مماليكه وخواصه بالنزول عند الوزير دندان ثم انه لم يزل سائرا على ظهر جواده فی جوانب الوادی الى أن مضى من الليل ربعه فتعب وغلب عليه النوم فصار لا يقدر ان يركض الجواد وكان له عادة انه ينام على ظهر جواده فلما هجم عليه النوم نام ولم يزل الجواد سائرا به الى نصف الليل فدخل به في بعض الغابات وكانت تلك الغابة كثيرة الاشجار فلم ينتبه شركان حتى دق الجواد بحافره فی الأرض فاستيقظ فوجد نفسه بين الاشجار وقد طلع عليه القمر واضاء فی الخافقين فاندهش شركان لما رأى نفسه فی ذلك المكان وقال كلمة لا يخجل قائلها وهی لا حول ولا قوة الا بالله فبينما هو كذلك خائف من الوحوش متحير لا يدری أين يتوجه فلما رأى القمر أشرف على مرج كأنه من مروج الجنة سمع كلاما مليحا وصوتا عليا وضحكا يسبی عقول الرجال فنزل الملك شركان عن جواده فی الاسحار ومشى حتى أشرف على نهر فرأى فيه الماء يجري وسمع كلام امرأة تتكلم بالعربية وهی تقول وحق المسيح ان هذا منكن غير مليح ولكن كل من تكلمت بكلمة صرعتها وكتفتها بزنارها كل هذا وشركان يمشی الى جهة الصور حتى انتهى الى طرف المكان ثم نظر فاذا بنهر مسح وطيور تمرح وغزلان تسنح ووحوش ترتع والطيور بلغاتها لمعانی الحظ تنشرح وذلك المكان مزركش بانواع النبات کما قیل فی اوصاف مثله هذان البیتان

ما تحسن الأرض الاعند زهرتها
والماء من فوقها یجری بارسال
صنع الا له العظیم الشان مقتدرا
معطی العطایا

فنظر شركان الى ذلك المكان فرأي فيه ديرا ومن داخل الدير قلعة شاهقة فی الهواء فی ضوء القمر وفی وسطها نهر يجری الماء منه الى تلك الرياض وهناك امرأة بين يديها عشره جوار كأنهن الاقمار وعليهن من أنواع الحلی والحلل ما يدهش الابصار وكلهن أبكار بديعات كما قيل فيهن هذه الابيات

یشرق المرج بما فیه من البیض العوالی زاد حسنا وجمالا
من بدیعات الخلال کل هیفاء قواما ذات غنج ودلال
راخیات الشعور کعناقید الداوالی فاتنات بعیون
رامیات بالنبال مائسات قاتلات لصنادید الرجال

فنظر شركان الى هؤلاء العشر جوار فوجد بينهن جارية كأنه البدرعند تمامه بحاجب مرجرج وجبين أبلج وطرف أهدب وصدغ معقرب کاملة فی الذات والصفات کما قال الشاعر فی مثلها هذه الابیات