صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/162

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

معززة وكان هذا بعد أن نهبوا دارغانم ثم توجهوا إلى الخليفة فحكى له جعفر جميع ما جرى فامرالخليفة لقوت القلوب بمكان مظلم وأسكنها فيه وألزم بها عجوزا لقضاء حاجتها لانه ظن أن غانما فحش بها ثم كتب مكتوبا للامير محمد بن سليمان الزينی وكان نائبا في دمشق ومضمونه ساعة وصول المكتوب الى يديك تقبض على غانم بن أيوب وترسله الی فلما وصل المرسوم اليه قبله ووضعه على رأسه ونادى فی الاسواق من أراد أن ينهب فعليه بدار غانم بن أيوب فجاؤوا إلى الدار فوجدوا أم غانم وأخته قد صنعتا لهما قبرا وقعدتا عنده تبكيان فقبضوا عليهما ونهبوا الدار ولم يعلما ما الخبر فلما أحضرهما عند السلطان سألهما عن غانم بن أيوب فقالتا له من مدة سنة ما وقفنا له على خبر فردوهما إلى مكانهما هذا ما كان من أمرهما(وأما)ما كان من أمر غانم بن أيوب المتيم المسلوب قانه لما سلبت نعمته تحير فی أمره وصار يبكی على نفسه حتى انفطر قلبه وسار ولم يزل سائرا الى آخر النهار وقد ازداد به الجوع وأضر به المشی حتى وصل إلى بلد فدخل المسجد وجلس على برش وأسند ظهره الى حائط المسجد وارتمى وهو فی غاية الجوع والتعب ولم يزل مقيما هناك الى الصباح وقد خفق قلبه من الجوع وركب جلده القمل وصارت رائحته منتنة وتغيرت أحواله فاتى أهل تلك البلدة يصلون الصبح فوجدوه مطروحا ضعيفا من الجوع وعليه آثار النعمة لائحة فلما أقبلوا عليه وجدوه بردان جائعا فالبسوه ثوبا عتيقا قد بليت أكمامه وقالوا له من اين أنت يا غريب وما سبب ضعفك ففتح عينيه ونظر اليهم وبكى ولم يرد عليهم جوابا ثم ان بعضهم عرف شدة جوعه فذهب وجاء له بكرجة عسل ورغيفين فأكل وقعدوا عنده حتى طلعت الشمس ثم انصرفوا لاشغالهم ولم يزل على هذه الحالة شهرا وهو عندهم وقد تزايد عليه الضعف والمرض فتعطفوا عليه وتشاوروا مع بعضهم فی أمره ثم اتفقوا على أن يوصلوه الى المارستان الذی ببغداد فبينما هم كذلك واذا بامرأتين سائلتين قد دخلتا عليه وهما أمه وأخته فلما رآهما أعطاهما الخبز الذی عند رأسه ونامتا عنده تلك الليلة ولم يعرفهما فلما كان ثانی يوم أتاه أهل القرية وأحضروا جملا وقالوا لصاحبه احمل هذا الضعيف فوق الجمل فاذا وصلت إلى بغداد فانزله على باب المارستان لعله يتعافى فيحصل لك الأجر فقال لهم السمع والطاعة ثم انهم أخرجوا غانم بن أيوب من المسجد وحملوه بالبرش الذی هو نائم عليه فوق الجمل وجاءت أمه وأخته يتفرجان عليه من جملة الناس ولم يعلما به ثم نظرتا اليه وتأملتاه وقالتا انه يشبه غانما ابننا فيا ترى هل هو هذا الضعيف أولا وأما غانم فانه لم يفق الا وهو محمول فوق الجمل فصار يبكی وينوح وأهل القرية ينظرون وأمه وأخته یبكيان عليه ولم يعرفانه ثم سافرت أمه وأخته الى أن وصلتا الى بغداد وأما الجمال فانه لم يزل سائرا به حتى انزله على باب المارستان وأخذ جمله ورجع فمكث غانم راقدا هناك الى الصباح فلما درجت الناس فی الطريق نظروا اليه وقد صاررق الخلال ولم يزل الناس يتفرجون عليه حتى جاء شيخ السوق ومنع الناس عنه وقال أنا أكتسب الجنة بهذا المسكين لانهم متى أدخلوه المارستان