صفحة:أعلام المهندسين في الإسلام (الطبعة الأولى).pdf/73

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.


لِمَ لَمْ يصور العرب؟ أتحرَّجاً دينياً كان إحجامهم عنه، وقد رأيناه على ثيابهم وأثاثهم وجدرانهم وفي دورهم وأفنيتهم؟ أم عجزاً خصُّوا به فيه دون صنوانه من الصناعات، كالنحت والحفر، والنجر والنقش وغيرها، وقد بلغوا فيها الشأو المعجز؟ وبعد فبين أيدينا من أسمائهم المنقوشة على أثارهم، وما سجلته الأخبار عن مصوريهم؛ وروي لنا عن طبقاتهم ككتاب «ضوء النبراس وأنس الجلاس في أخبار المزوقين من الناس» المذكور في خطط المقريزي ما يدحض هذا الزعم الباطل والرأي القائل.

فمن الأدلة على اشتغالهم به في الصدر الأول غير ما تقدم في فصول الرسالة — ما رواه الإمام البخاري في باب بيع التصاوير من كتاب البيوع عن سعيد بن أبي الحسن أنه قال: «كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما، إذ أتاه رجل فقال: يا أبا عباس إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً فربا1 الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح».


  1. ربا أي انتفخ وأصابه نفس في جوفه وقيل: ذعر وامتلأ خوفًا.