صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/72

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
73


المشقّر


حصن بين نجران والبحرين على تلّ عال، يقال انّه من بناء طسم، يقال له فجّ بني تميم لأن المكعبر عامل كسرى غدر بني تميم فيه، وسببه أن وهرز عامل كسرى على اليمن بعث أموالا وطرفا إلى كسرى، فلمّا كانت ببلاد بني تميم وثبوا عليها وأخذوها ؛ فأخبر كسرى بذلك فأراد أن يبعث إليهم جيشا، فأخبر أن بلادهم بلاد سوء قليلة الماء.

فأشير إليه بأن يرسل إلى عامله بالبحرين أن يقتلهم، وكانت تميم تصير إلى هجر للميرة، فأمر العامل أن ينادي : لا تطلق الميرة إلّا لبني تميم! فأقبل إليه خلق كثير فأمرهم بدخول المشقّر، وأخذ الميرة والخروج من باب آخر، فيدخل قوم بعد قوم فيقتلهم حتى قتلوا عن آخرهم، وبعث بذراريهم في السفن إلى فارس.

مغمّس


موضع بين مكة والطائف به قبر أبي رغال، مرّ به النبيّ صلعم فأمر برجمه، فصار ذلك سنّة من مرّ به يرجمه. قيل : إن أبا رغال اسمه زيد بن محلف، كان ملكا بالطائف يظلم رعيته، فمرّ بامرأة ترضع يتيما بلبن ما عز لها، فأخذ الماعز منها فبقي اليتيم بلا لبن فمات، وكانت سنة مجدبة فرماه الله تعالى بقارعة أهلكته.

وقيل : إن أبرهة بن الصبّاح لمّا عزم هدم الكعبة مرّ بالطائف بجنوده وفيو له، فأخرج إليه أبو ممنعود الثقفي في رجال ثقيف سامعين مطيعين، فطلب أبرهة منهم دليلا يدلّه على مكّة، فبعثوا معه رجلا يقال له أبو رغال حتى نزل المغمّس، فمات أبو رغال هناك، فرجم العرب قبره ؛ وفيه قال جرير ابن الخطفى :

إذا مات الفرزدق فارجموه
كما ترمون قبر أبي رغال


مراكش


مدينة من أعظم مدن بلاد المغرب، واليوم سرير ملك بني عبد المؤمن، وهي في البرّ الأعظم، بينها وبين البحر عشرة أيّام في وسط بلاد البربر. وإنّها كثيرة الجنان والبساتين ويخرق خارجها الخلجان والسواقي، ويأتيها الارزاق من الأقطار والبوادي، مع ما فيها من جني الأشجار والكروم التي يتحدّث بطيبها في الآفاق. والمدينة ذات قصور ومبان محكمة.

بها بستان عبد المؤمن بن عليّ أبي الخلفاء، وهو بستان طوله ثلاثة فراسخ، وكان ماؤه من الآبار فجلب إليها ماء من أعماق تسير تسقي بساتين لها. وحكى أبو الربيع سليمان الملتاني ان دورة مرّاكش أربعون ميلا.

ينسب إليها الشيخ الصالح سني بن عبد الله المراكشي، وكان شيخا مستجاب الدعوة، ذكر أن القطر حبس عنهم في ولاية يعقوب بن يوسف فقال : ادع الله تعالى ان يسقينا. فقال الشيخ : ابعث إليّ