صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/68

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
69

ولو بقيت ثيابك في المحراب حتى بليت ما مسّها أحد! وإذا وجدنا شيئا من ذلك في مدد متطاولة نعلم أنّه كان من غريب اجتاز بنا، فنركب خلفه ولا يفوتنا، فندركه ونقتله. فسألت عن غيره سيرة أهل البلد فقال كما ذكره الخيّاط. وكانوا لا يغلقون الأبواب باللّيل، وما كان لأكثرهم أبواب بل شيء يردّ الوحش والكلاب.

قشمير


ناحية بأرض الهند متاخمة لقوم من الترك، فاختلط نسل الهند بالترك، فأهلها أكثر الناس ملاحة وحسنا. ويضرب بحسن نسائهم المثل، لهنّ قامات تامّة وصور مستوية وملاحة كثيرة وشعور طوال غلاظ، وهذه الناحية تحتوي على نحو ستّين ألفا من المدن والضياع، ولا سبيل إليها إلّا من جهة واحدة، ويغلق على جميعها باب واحد. وحواليها جبال شوامخ لا سبيل للوحش أن يتسلّق إليها فضلا عن الانس. وفيها أودية وعرة وأشجار ورياض وأنهار. قال مسعر بن مهلهل : شاهدتها وهي في غاية المنعة. ولأهلها أعياد في رؤوس الاهلة وفي نزول النيرين شرقهما، ولهم رصد كبير في بيت معمول من الحديد الصيني، لا يعمل فيه الزمان، ويعظّمون الثريا ولا يذبحون الحيوان ولا يأكلون البيض.

قمار


مدينة مشهورة بأرض الهند. قال ابن الفقيه : أهلها على خلاف سائر الهنود ولا يبيحون الزنا ويحرّمون الخمر، وملكها يعاقبهم على شرب الخمر، فيحمي الحديدة بالنار وتوضع على بدن الشارب ولا تترك إلى أن تبرد، فربّما يفضي إلى التلف! وينسب إليها العود القماري وهو أحسن أنواع العود.

كلبا


مدينة بأرض الهند ؛ قال في تحفة الغرائب : بها عمود من النحاس وعلى رأس العمود تمثال بطّة من النحاس، وبين يدي العمود عين. فإذا كان يوم عاشوراء في كلّ سنة ينشر البطّ جناحيه ويدخل منقاره العين ويعبّ ماءها، فيخرج من العمود ماء كثير يكفي لأهل المدينة سنتهم، والفاضل يجري إلى مزارعهم. كله مدينة عظيمة منيعة عالية السور في بلاد الهند كثيرة البساتين، بها اجتماع البراهمة حكماء الهند ؛ قال مسعر بن مهلهل : إنّها أوّل بلاد الهند ممّا يلي الصين، وانّها منتهى مسير المراكب إليها ولا يتهيّأ لها أن تجاوزها وإلّا غرقت. بها قلعة يضرب بها السيوف القلعيّة وهي الهنديّة العتيقة، لا تكون في سائر الدنيا إلّا في هذه القلعة، وملكها من قبل ملك الصين، وإليه قبلته وبيت عبادته ورسومه رسوم صاحب الصين، ويعتقدون أن طاعة ملك الصين عليهم مباركة ومخالفته شؤم، وبينه وبين الصين ثلاثمائة فرسخ.