صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
45

وبينه يوم واحد وهو صعب المرتقى ليس إليه إلّا طريق واحد وذروته واسعة فيها ضياع كثيرة ومزارع وكروم ونخيل والطريق إليها في دار الملك وللجبل باب واحد مفتاحه عند الملك فمن أراد النزول إلى السهل استأذن الملك حتى يأذن بفتح الباب له وحول تلك الضياع والكروم جبال شاهقة لا تسلك ولا يعلم أحد ما وراءها إلّا الله. ومياه هذا الجبل تنكسب إلى سدّ هناك فإذا امتلأ السدّ ماء فتح ليجري إلى صنعاء ومخاليفها.

وبها جبل كوكبان إنّه بقرب صنعاء عليه قصران مبنيان بالجواهر يلمعان بالليل كالكوكبين ولا طريق إليهما. قيل : إنّهما من بناء الجنّ.

وبها نهر اليمن ؛ قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض اليمن نهر عند طلوع الشمس يجري من المشرق إلى المغرب وعند غروبها من المغرب إلى المشرق.

وبها العلس وهو نوع من الحنطة حبّتان منه في كمام لا يوجد إلّا باليمن وهو طعام أهل صنعاء.

وبها الورس وهو نبت له خريطة كما للسمسم ذكروا انّه يزرع سنة ويبقى عشرين سنة.

وبها الموز وهي ثمرة شبيهة بالعنب إلّا أنّه حلو دسم لا تحمل شجرتها إلّا مرّة واحدة.

وبها نوع من الكمثرى من أكل منها واحدة يطلق عشر مرّات وان أكل اثنتين يطلق عشرين مرّة وإن أكل ثلاثا يطلق ثلاثين. ويتّخذ منه عسل يلعق منه صاحب القولنج فينفتح في الحال.

ويجلب منها سيوف ليس في شيء من البلاد مثلها ويجلب منها البرود اليمانية وقرودها أخبث القرود وأسرع قبولا للتعليم. وبها الغدار وهو نوع من المتشيطنة يوجد بأكناف اليمن يلحق الإنسان ويقع عليه فإذا أصيب الإنسان منه يقول أهل تلك النواحي : أمنكوح هو أم مذعور؟ فإن قالوا منكوح أيسوا منه وإن كان مذعورا سكن روعه وشجع ومن الناس من لم يكترث به لشجاعة نفسه.

وحكي عن الشافعي أنّه قال : دخلت بلدة من بلاد اليمن فرأيت فيها إنسانا من وسطه إلى أسفله بدن امرأة ومن وسطه إلى فوقه بدنان متفرّقان بأربع أيد ورأسين ووجهين وهما يتلاطمان مرّة ويصطلحان أخرى ويأكلان ويشربان.

ثمّ غبت عنهما سنين ورجعت فسألت عنها فقيل لي : أحسن الله عزاءك في أحد الجسدين! توفي فربط من أسفله بحبل حتى ذبل ثمّ قطع والجسد الآخر تراه في السوق ذاهبا وجائيا.

ومنها أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان اليماني افتخار اليمن كان من أعلم الناس بالحلال والحرام له نسل بقزوين مشايخ وعلماء إلى الآن وهو جدّي من قبل الأم ذكر يوسف بن اسباط أن طاووسا مرّ بنهر سلطاني فهمّت بغلته