قال : فعجبنا من ذلك ثمّ مضينا إلى الساحل الذي ذكر أن فيه كنزا فأمرنا الغوّاصين فغاصوا وأخرجوا جرارا من صفر مطبقة بصفر فلم نشكّ انّه مال حتى جمعت جرار كثيرة ففتحنا بعضها فخرج منها شيطان وقال :يا ابن آدم إلى متى تحبسنا؟ فبينا نحن نتعجّب من ذلك إذ رأينا سوادا عظيما أقبل من جزيرة قريبة من الساحل ففزعنا فزعا فاقتحم الماء وأقبل نحونا فإذا هي قردة قد اجتمع منها ما لا يعلم عددها إلّا الله.
وكانت تلك الجزيرة مأواها وأمامها قرد عظيم في عنقه لوح حديد معلّق بسلسلة فأقبل إلينا ورفع اللوح نحونا فأخذنا اللوح من عنقه فإذا فيه كتابة بالسريانيّة وكان معنا من يحسن قراءتها فقرأها فإذا هي : بسم الله العظيم الأعظم. هذا كتاب من سليمان بن داود رسول الله لمن في هذه الجزيرة من القردة إني قد أمرتهم بحفظ هؤلاء الشياطين المحبّسين في هذه الناحية في هذه الجرار الصفر وجعلت لهن أمانا من جميع الجنّ والإنس فمن أرادهن أو عرض لهنّ فهو بريء مني وأنا بريء منه في الدنيا والآخرة.
فأردنا أن نمضي باللّوح إلى معاوية لينظر إليه فلمّا ولّينا وقفت القردة كلّها أمامنا وحاصرتنا وضجّت ضجّة فرددنا اللوح إليها فأخذته واقتحمت الماء وعادت إلى الجزيرة. ومن عجائب اليمن ما ذكر ابن فنجويه أن بأرض عاد تمثالا على هيئة فارس. ومياه تلك الأرض كلّها ملحة فإذا دخلت الأشهر الحرم يفيض من ذلك التمثال ماء كثير عذب لا يزال يجري إلى انقضاء الأشهر الحرم وقد تطفّحت حياضهم من ذلك الماء فيكفيهم إلى تمام السنة ؛ قال الشاعر :
وبها جبل الشّبّ وعلى رأس هذا الجبل ماء يجري من كلّ جانب وينعقد حجرا قبل أن يصل إلى الأرض والشبّ اليماني الأبيض من ذلك.
وبها جبل شبام ؛ قال محمّد بن أحمد بن إسحاق الهمذاني : إنّه جبل عظيم بقرب صنعاء بينها