صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/38

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(٣٩)

عاشوراء نشرت البطّة جناحيها ومدّت رقبتها فيفيض من الماء ما يكفيهم لزروعهم ومواشيهم إلى القابل.

كوّار


ناحية من بلاد السودان جنوبي فزّان بها عين الفرس قيل : إن عقبة ابن عامر ذهب إلى كوّار غازيا فنزل ببعض منازلها فأصابهم عطش حتى أشرفوا على الهلاك فقام عقبة وصلّى ركعتين ودعا الله تعالى فجعل فرس عقبة يبحث في الأرض حتى كشف عن صفاة فانفجر منها الماء وجعل الفرس يمصّه فرأى عقبة ذلك فنادى في الناس أن احتفروا فحفروا وشربوا فسمّي ذلك الماء ماء الفرس وافتتح كوار وقبض على ملكها ومنّ عليه وفرض عليه مالا.

لنجوية


جزيرة عظيمة بأرض الزنج بها سرير ملك الزنج وإليها تقصد المراكب من جميع النواحي من عجائبها كروم بها تطعم في كلّ سنة ثلاث مرّات كلّما انتهى أحدها أخرج الآخر.

مأرب


كورة بين حضر موت وصنعاء لم يبق بها عامرا إلّا ثلاث قرى يسمّونها الدروب كلّ قرية منسوبة إلى قبيلة من اليمن وهم يزرعونها على الماء الذي جاء من ناحية السدّ يسقون أرضهم سقية واحدة ويزرعون عليه ثلاث مرّات في كلّ عام فيكون بين زرع الشعير وحصاده في ذلك الموضع نحو شهرين.

وكان بها سيل العرم الذي جرى ذكره في سبأ.

ذكروا أن مياه جبالها تجتمع هناك وسيول كثيرة ولها مخرج واحد فالأوائل قد سدّوا ذلك المخرج بسدّ محكم وجعلوا لها مثاعب يأخذون منها قدر الحاجة فاجتمعت المياه بطول الزمان وصار بحرا عظيما خارج السدّ وداخله عمارات وبساتين ومزارع فسلّط الله تعالى الجرذ على السدّ يحفره بأنيابه ويقلعه بمخاليبه حتى سدّ الوادي الذي نحو البحر وفتح ممّا يلي السدّ فغرقت البلاد حتى لم يبق إلّا ما كان على رؤوس الجبال وذهبت الحدائق والجنان والضياع والدور والقصور وجاء السيل بالرمل فطمّها وهي على ذلك إلى اليوم كما أخبر الله تعالى فجعلهم الله أحاديث ومزّقهم كلّ ممزّق.

والعرم المسنّاة بنتها ملوك اليمن بالصخر والقار حاجزا بين السيول والضياع ففجرته فأرة ليكون أظهر في الأعجوبة قال الأعشى :

ففي ذلك للمؤتسي أسوة
ومأرب عفّى عليها العرم
رخام بنته لهم حمير
إذا ما نأى ماؤهم لم يرم
فأروى الحروث وأعنابها
على سعة ماؤهم إن قسم
فكانوا بذلكم حقبة
فمال بهم جارف منهدم