صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/33

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(٣۴)
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا
في رأس غمدان دارا منك محلالا
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فصارا بعد أبوالا

وذكر أن التبابعة إذا قعدوا على هذا القصر وأشعلوا شموعهم يرى ذلك على مسيرة أيّام. حكي أن عثمان بن عفّان رضي الله عنه لمّا أمر بهدم غمدان قالوا له: إن الكهنة يقولون هادم غمدان مقتول! فأمر بإعادته فقالوا له: لو أنفقت عليه خراج الأرض ما أعدته كما كان فتركه ولمّا خربه وجد على خشبة من أخشابها مكتوبًا: اسلم غمدان هادمك مقتول. فهدمه عثمان بن عفّان فقتل.

ووجد على حائط ايوان من مجالس تبع مكتوبًا:

صبرا الدّهر نال منك فهكذا مضت الدهور
فرح وحزن بعده لا الحزن دام ولا السّرور

وبصنعاء جبل الشبّ وهو جبل على رأسه ماء يجري من كلّ جانب وينعقد حجرًا قبل أن يصل إلى الأرض وهو الشبّ اليمانيّ الأبيض الذي يحمل إلى الآفاق.

ومن عجائب صنعاء ما ذكر أنّه كان بها قبّة عظيمة من جمجمة رجل.

وبها نوع البرّ حبّتان منه في كمام ليس في شيء من البلاد غيرها وبها الورس وهو نبت له خريطة كالسمسم زرع سنة يبقى عشرين سنة.

وحكي أن أمير اليمن لمّا آل إلى الحبشة بنى أبرهة بن الصبّاح بها كنيسة لم ير الناس أحسن منها وسمّاها القلّيس وزيّنها بالذهب والفضّة والجواهر وكتب إلى النجاشي: إني بنيت لك كنيسة ليس لأحد مثلها من الملوك وأريد أصرف إليها حجّ العرب. فسمع ذلك بعض بني مالك بن كنانة فأتاها وأحدث فيها فسأل أبرهة عنه فقالوا: إنّه من أهل البيت الذي يحجّ إليه العرب.

فغضب وآلى ليسيرنّ إلى الكعبة ويهدمنّها ثمّ جاء بعسكره وفيلته فأرسل الله تعالى ﴿عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ.

وبها الجنّة التي أقسم أصحابها لنصرمنّها مصبحين وهي على أربعة فراسخ من صنعاء وكانت تلك الجنّة لرجل صالح ينفق ثمراتها على عياله ويتصدّق على المساكين فلمّا مات الرجل عزم أصحابه على أن لا يعطوا للمساكين شيئا فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكين فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون يعني ما هذا طريق بستاننا فلمّا رأوا الجنّة محترقة قالوا: بل نحن محرومون. ويسمّى ذاك الوادي الضّروان وهو واد ملعون حجارته تشبه أنياب الكلاب لا يقدر أحد أن يطأها ولا ينبت شيئًا ولا يستطيع طائر أن يطير فوقه فإذا قاربه مال عنه قالوا: كانت النار تتّقد فيها ثلاثمائة سنة.