صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(٢٩)

السرنديبي التباريح.

فطلبه ذات يوم فلمّا دخل عليه تحرّك له وانبسط معه وسأله عن حاله ثمّ قال : إني أرى في هذه المدينة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متروكا ولست أرى من لا يأخذه في الله لومة لائم غيرك. وأخرج من داره قميصًا غسل مرارا وعمامة عتيقة وأركبه على دابّة وغلمان الاحتساب في خدمته وكلّ من سمع بهذا استحسن وصار السرنديبي محتسبًا.

فإذا في بعض الأيّام جاء شخص إلى السرنديبي وقال: في موضع كذا جماعة يشربون. فقام بأصحابه وذهب إليهم فأراق خمورهم وكسر ملاهيهم.

وكان القوم صبيانًا جهّالًا قاموا إليه وضربوه وضربوا أصحابه ضربًا وجيعا فجاء السرنديبي إلى القاضي وعرّفه ذلك فالقاضي غضب وحولق وقال: ابصروا من كانوا أولئك فقالوا: ما نعرف منهم أحدًا. ثمّ بعد أيّام قالوا للسرنديبي: في بستان كذا جماعة يشربون فذهب إليهم بأصحابه وأراق خمورهم وكسر ملاهيهم فقاموا وقتاوا أصحاب السرنديبي وجرحوه فعاد السرنديبي إلى بيته وأخذ القميص والعمامة وذهب إلى القاضي وقال: اخلع هذا على غيري فإني لست أهلًا لذلك فقال القاضي: لا تفعل يا سديد الدين ولا تمنع الثواب! فقال له: دع هذا الكلام أنت غرضك اني أقتل وأجرح على يد غيرك وإني قد عرفت المقصود ولا أنخدع بعد ذلك.

سفالة

آخر مدينة تعرف بأرض الزنج بها معدن الذهب والحكاية عنها كما مرّ في بلاد التبر من أن التجّار يحملون إليها الأمتعة ويضعونها في أرض قريبة منهم ويرجعون. ثمّ ان أهل سفالة وهم سودان يأتون ويتركون ثمن كلّ متاع بجنبه والذهب السّفالي معروف عند تجّار الزنج، وبها الحواي وهو صنف من الطير يعيد ما سمع بصوت رفيع ولفظ صحيح أصحّ من الببغاء، ولا يبقى أكثر من سنة، وبها ببغاء بيض وحمر وخضر، وقال محمد بن الجهم: رأيت قوماً يأكلون الذباب ويزعمون أنه دافع للرمد ولا يرمدون شيئاً البتّة.

سلوق

مدينة بأرض اليمن؛ قال ابن الحايك: كانت مدينة عظيمة ولها آثار عظيمة باقية يوجد بها قطاع الذهب والفضّة والحليّ وكان بها صنّاع الدروع المحكمة النسج قال الشاعر:

نقل السّلوقيّ المضاعف نسجه
ويوقد بالصّفّاح نار الحباحب

وبها الكلاب الضّواري وذاك لأن الكلاب بها يسفدها الذئاب فتأتي بالكلاب السلوقيّة وهي أخبث الكلاب؛ قال الشاعر: