صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(٢٦)

ذات الشّعبين

مخلاف باليمن وقال محمّد بن السائب: حكى لنا رجل من ذي الكلاع أن سيلًا أقبل باليمن فخرق موضعًا فأبدى عن أزج فإذا فيه سرير عليه ميت عليه جباب وشي مذهبة وبين يديه محجن من ذهب في رأسه ياقوتة حمراء وإذا لوح فيه مكتوب: بسم الله ربّ حمير أنا حسّان بن عمرو القيل حين لا قيل إلّا الله متّ زمان خرهيد وماهيد هلك فيه اثنا عشر ألف قيل وكنت آخرهم قيلا فأتيت ذات الشّعبين ليجيرني فأجفرني قالوا: لعلّ كان ذلك وقت الطاعون فمات من مات لفساد الهواء فأتى حسّان ذات الشعبين ليكون الهواء فيه أصحّ بسبب هبوبها من الشعبين فيسلم من الطاعون وما سلم.

ذمار

مدينة ببلاد اليمن حكى أبو الربيع سليمان الزنجاني: انّه شاهد ذمار ورأى على مرحلة منها آثار عمارة قديمة قد بقي منها ستّة أعمدة من رخام وفوق أربعة منها أربعة أعمدة ودونها مياه كثيرة جارية قال: ذكر لي أهل تلك البلاد أن أحدًا لا يقدر على خوض تلك المياه إلى تلك الأعمدة وما خاض أحد إلّا عدم، وأهل تلك البلاد متّفقون على أنّها عرش بلقيس.

سبأ

مدينة كانت بينها وبين صنعاء ثلاثة أيّام بناها سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان كانت مدينة حصينة كثيرة الأهل طيّبة الهواء عذبة الماء كثيرة الأشجار لذيذة الثمار كثيرة أنواع الحيوان وهي التي ذكرها الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍۢ فِى مَسْكَنِهِمْ ءَايَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍۢ وَشِمَالٍۢ ۖ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُۥ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ؛ ما كان يوجد بها ذباب ولا بعوض ولا شيء من الهوام كالحيّة والعقرب ونحوهما.

وقد اجتمعت في ذلك الموضع مياه كثيرة من السيول فيمشي بين جبلين ويضيع في الصحارى وبين الجبلين مقدار فرسخين فلمّا كان زمان بلقيس الملكة بنت بين الجبلين سدّا بالصخر والقار وترك الماء العظيم خارج السدّ وجعلت في السدّ مثاعب أعلى وأوسط وأسفل ليأخذوا من الماء كلّ ما احتاجوا إليه فجفّت داخل السدّ ودام سقيها فعمرها الناس وبنوا وغرسوا وزرعوا فصارت أحسن بلاد الله تعالى وأكثرها خيرا كما قال الله تعالى: ﴿جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍۢ وَشِمَالٍۢ. وكان أهلها اخوة وبنو عمّ بنو حمير وبنو كهلان فبعث الله تعالى إليهم ثلاثة عشر نبيًّا فكذّبوهم فسلط الله تعالى الجرذ على سدّهم.

منها عمران بن عامر وكانت سيادة اليمن لولد حمير ولولد كهلان، وكان كبيرهم عمران بن عامر، وكان جوادًا عاقلًا وله ولأقربائه من الحدائق