صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/2

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
بسم الله الرحمن الرحيم

العزّ لك، والجلال لكبريائك، والعظمة لثنائك، والدوام لبقائك، يا قديم الذات ومفيض الخيرات. أنت الأوّل لا شيء قبلك، وأنت الآخر لا شيء بعدك، وأنت الفرد لا شريك لك. يا واهب العقول وجاعل النور والظلمات، منك الابتداء وإليك الانتهاء، وبقدرتك تكوّنت الأشياء، وبإرادتك قامت الأرض والسموات، أفض علينا أنوار معرفتك، وطهّر نفوسنا عن كدورات معصيتك، وألهمنا موجبات رحمتك ومغفرتك، ووفقنا لما تحبّ وترضى من الخيرات والسعادات، وصل على ذوي الأنفس الطاهرات والمعجزات الباهرات، خصوصًا على سيّد المرسلين وإمام المتقين، وقايد الغرّ المحجلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، أفضل الصلوات، وعلى آله وأصحابه الطيّبين والطيّبات، وعلى الذين اتبعوهم بإحسان من أهل السنة والجماعات.

يقول العبد زكريا بن محمد بن محمود القزويني، تولّاه الله بفضله، بعد حمد الله حمدًا يرضيه، ويوجب مزيد فضله وأياديه: إني قد جمعت في هذا الكتاب ما وقع لي وعرفته، وسمعت به وشاهدته من لطايف صنع الله تعالى، وعجايب حكمته المودعة في بلاده وعباده؛ فإن الأرض جرم بسيط متشابه الأجزاء، وبسبب تأثير الشمس فيها، ونزول المطر عليها، وهبوب الرياح بها، ظهرت فيها آثار عجيبة، وتختصّ كلّ بقعة بخاصّية لا توجد في غيرها: فمنها ما صار حجرًا صلدًا، ومنها ما صار طينًا حرًا، ومنها ما صار طينة سبخة. ولكل واحد منها خاصّية عجيبة وحكمة عجيبة وحكمة بديعة، فإن الحجر الصلد يتولّد فيه الجواهر النفيسة كاليواقيت والزبرجد وغيرهما، والطين الحر ينبت الثمار والزروع بعجيب ألوانها وأشكالها وطعومها وروايحها، والطينة السبخة يتولّد منها الشبوب والزاجات والاملاح