صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/16

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(١٧)

وليس بهذه المدينة زرع ولا ضرع، ومعشهم على الملح كما ذكرنا.


تكرور


مدينة في بلاد السودان عظيمة مشهورة قال الفقيه علي الجنحاني المغربي: شاهدتها وهي مدينة عظيمة لا سور لها وأهلها مسلمون وكفّار والملك فيها للمسلمين وأهلها عراة رجالهم ونساؤهم إلّا أشراف المسلمين فإنّهم يلبسون قميصًا طولها عشرون ذراعًا ويحمل ذيلهم معهم خدمهم للحشمة ونساء الكفّار يسترن قبلهنّ بخرزات العقيق ينظمنها في الخيوط ويعلقنها عليهن ومن كانت نازلة الحال فخرزات من العظم.

وذكر أيضًا أن الزرافة بها كثيرة يجلبونها ويذبحونها مثل البقر والعسل والسمن والأرز بها رخيص جدًّا. وبها حيوان يسمّى لبطى يؤخذ من جلده المجنّ يبتاع كلّ مجنّ بثلاثين دينارًا وخاصيّته أن الحديد لا يعمل فيه البتّة.

وحكى أنّه لمّا كان بها إذ ورد قاصد من بعض عمّال الملك يقول: قد دهمنا سواد عظيم لا نعرف ما هو. فاستعدّ الملك للقتال وخرج بعساكره فإذا فيلة كثيرة جاوزت العدّ والحصر فجاءت حتى ترد الماء بقرب تكرور فقال الملك: احشوها بالنبل. فلم يكن يعمل فيها شيء من النبال وكانت تخفي خراطيمها تحت بطنها لئلّا يصيبها النبل وإذا أصاب شيئًا من بدنها أمرّت عليها الخرطوم ورمتها فشربت الماء ورجعت. والله الموفق.


جابرسا


مدينة بأقصى بلاد المشرق عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: إن بأقصى المشرق مدينة اسمها جابرس أهلها من ولد ثمود وبأقصى المغرب مدينة اسمها جابلق أهلها من ولد عاد ففي كلّ واحد بقايا من الأمّتين.

يقول اليهود: إن أولاد موسى عليه السلام هربوا في حرب بخت نصّر فسيّرهم الله تعالى وأنزلهم بجابرس وهم سكّان ذلك الموضع لا يصل إليهم أحد ولا يحصى عددهم.

وعن ابن عبّاس رضي الله عنه أن النبيّ في ليلة أسري به قال لجبريل عليه السلام: إني أحبّ أن أرى القوم الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰٓ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِۦ يَعْدِلُونَ. فقال جبريل عليه السلام: بينك وبينهم مسيرة ستّ سنين ذاهبًا وستّ سنين راجعًا وبينك وبينهم نهر من رمل يجري كجري السهم لا يقف إلّا يوم السبت لكن سل ربّك فدعا النبي وأمّن جبريل عليه السلام فأوحى الله إلى جبريل أن أجبه إلى ما سأل فركب البراق وخطًا خطوات فإذا هو بين أظهر القوم فسلّم عليهم فسألوه: من أنت؟ فقال: أنا النبيّ الاميّ! فقالوا: نعم أنت الذي بشّر بك موسى عليه السلام وإن أمّتك لولا