صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

ويقولون : الملك إذا جار لا يصلح أن يكون نائب ملك السموات والأرض.

ومنها أكل العدوّ إذا ظفر به. وقيل: إن عادة بعضهم ليس عادة الكلّ. ومنها اتّخاذ نبيذ من شربها طمس عقله؛ قيل: إنّها مأخوذة من النارجيل يسقون منها من أرادوا الكيد به. ومنها التحلّي بالحديد مع كثرة الذهب عندهم يتّخذون الحليّ من الحديد كما يتّخذ غيرهم من الذهب والفضّة يزعمون أن الحديد ينفرّ الشيطان ويشجّع لابسه. ومنها قتالهم على البقر وانّها تمشي كالخيل قال المسعودي: رأيت من هذا البقر وانّها حمر العيون يبرك كالإبل بالحمل ويثور بحمله. ومنها اصطيادهم الفيل وتجاراتهم على عظامها وذلك لأن الفيل الوحشيّة ببلاد الزنج كثيرة والمستأنسة أيضا كذلك والزنج لا يستعملونها في الحرب ولا في العمل بل ينتفعون بعظامها وجلودها ولحومها وذاك أن عندهم ورقًا يطرحونها في الماء فإذا شرب الفيل من ذلك الماء أسكره فلا يقدر على المشي فيخرجون إليه ويقتلونه وعظام الفيل وأنيابها تجلب من أرض الزنج وأكثر أنيابه خمسون منًّا إلى مائة منّ وربّما يصل إلى ثلاثمائة منّ.


بلاد السودان


هي بلاد كثيرة وأرض واسعة ينتهي شمالها إلى أرض البربر وجنوبها إلى البراري وشرقها إلى الحبشة وغربها إلى البحر المحيط. أرضها محترقة لتأثير الشمس فيها والحرارة بها شديدة جدًّا لأنّ الشمس لا تزال مسامتة لرؤوسهم وأهلها عراة لا يلبسون من شدّة الحرّ منهم مسلمون ومنهم كفّار.

أرضهم منبت الذهب وبها حيوانات عجيبة: كالفيل والكركدن والزرافة.

وبها أشجار عظيمة لا توجد في غيرها من البلاد.

وحدّثني الفقيه علي الجنحاني المغربي أنّه شاهد تلك البلاد ذكر أنّ أهلها اتّخذوا بيوتهم على الأشجار العظيمة من الأرضة وأن الأرضة بها كثيرة جدًّا ولا يتركون شيئًا من الأثاث والطعام على وجه الأرض إلّا وأفسده الأرضة فجميع قماشهم وطعامهم في البيوت التي اتّخذوها على أعالي الأشجار. وذكر رحمه الله انّه أوّل ما نزل بها نام في طرف منها فما استيقظ إلّا والأرضة قرضت من ثيابه ما كان يلاقي وجه الأرض.


بلاد النّوبة


أرض واسعة في جنوبي مصر وشرقي النيل وغربيّه. هي بلاد واسعة وأهلها أمّة عظيمة نصارى بعامتهم ولهم ملك اسمه كابيل يزعمون أنّه من نسل حمير؛ قال : خير سبيكم النوبة. وقال أيضًا: من لم يكن له أخ فليتّخذ أخا نوبيّا.

ومن عاداتهم تعظيم الملك الذي اسمه كابيل وهو يوهم أنّه لا يأكل ويدخلون الطعام عليه سرًّا فإن عرف ذلك أحد من الرعيّة قتلوه لوقته