شق جيب الليل عن نحر الصباح

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ

​شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ​ المؤلف صفي الدين الحلي


شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ
أيها الساقونْ
وبدا للطلّ في جيدِ الأقاحْ
لؤلؤٌ مكنونْ
ودَعانا للَذيذِ الإصطِباحْ
طائرٌ ميمونْ
فاخضبِ المبزلَ من نحرِ الدنان
بدَمِ الزَّرْجُونْ
تَتَلَقّى دَمَها حُورُ الجِنانْ
في صحافٍ جونْ
فاسقنيها قهوةً تكسو الكؤوسْ
بسنا الأنوارْ
وتميتُ العقلَ، إذ تحيي النفوسْ
راحةُ الأسرارْ
غَرَسَتْ كَرمَتَها بينَ القِيانْ
يدُ أفلاطونْ
وبماءِ الصرحِ قد كان يطانْ
دَنُّها المَخزُونْ
اخبرتنا عن بني العصرِ القديمْ
خبراً مأثورْ
وروَتْ يومَ مُناجاةِ الكَليمْ
كيفَ دُكّ الطُّورْ
ولماذا أتخذتْ أهلُ الرقيمْ
كَهفَها المَذكورْ
وندا يونسُ عند الإمتحانْ
بالتقامِ النونْ
مُذ جَلا شمسَ الضّحى بدرُ التّمامْ
في اللّيالي السّودْ
وغدا يصبغُ أذيالَ الظلامْ
بِدَم العُنقُودْ
قلتُ يا بُشراكُمُ هذا غُلامْ
وفتاةٌ رودْ
مزجا الكأسَ رواحا يسقيانْ
في حمى جيرونْ
فبذلنا في القناني والقيانْ
ما حوَى قارُونْ
نالَ فِعلُ الخَمرِ من ذاتِ الخِمارْ
عند شربِ الراحْ
فغَدَتْ تَستُرُ من فرطِ الخُمارْ
وجهها الوضاحْ
خلتُها، إذْ لم تدعْ بالإختمارْ
غيرَ صَلْتٍ لاحْ
قمراً تمّ لسبعٍ وثمانْ،
في اللّيالي الجُونْ
قدَرَتَهُ الشّمسُ في حالِ القِرانْ
فهوَ كالعُرجون
أفعَمَ الزّامرُ بالنّفخِ المُدارْ
نايَهُ المَخصُورْ
فغدا، وهوَ لأمواتِ الخُمارْ
مثلَ نَفخِ الصُّورْ
أو كما عاشَ الورى بعدَ البوارْ
بندَى المنصورْ
مَلِكٌ هَذّبَ أخلاقَ الزّمانْ
عدلُه المسنونْ
وأعادَ النّاسَ في ظِلّ الأمانْ
عضبهُ المسنونْ
ملكٌ أنجدَ طلابَ الندَى
غايةَ الإنجادْ
متلفٌ، إن جالَ، آجالَ العدى
واللهي إنْ جادْ
مَهّدَ الأرضِينَ بالعَدلِ، فكانْ
أمنُها مضمونْ
ذيبُها والشاةُ ترعى في مكانْ،
غدرُهُ مأمونْ
باذِلُ الأموالِ من قَبلِ السّؤالْ
بأكفّ الجودْ
ما رجاهُ آملٌ إلاّ ونالُ
غايةَ المقصودْ
فإذا ما أَمَّهُ راجي النّوالْ
سادَةٍ أنجادْ
يهبُ الولدانَ والحورَ الحسانْ
في بيوتِ النّارْ
وسواهُ إنْ دعاهُ ذو لِسانْ
يمنعُ الماعونْ
يا مليكاً لبني الدرِ ملكْ،
فشَرى الأحرارْ
ملكٌ أنتَ عظيمٌ أمْ ملكْ
ساطِعُ الأنوارْ
بالذي تَختارُهُ دارَ الفَلَكْ،
وجرى المقدارْ
مذْ رأى بأسكَ سلطانُ الأوانْ،
وَهوَ كالمَحزُونْ
حاولَ النّصرَ كمُوسى، فاستعانْ
بكَ يا هارونْ