شرف البصرة مولانا المشير

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ

​شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


شَرَّفَ البَصرةَ مولانا المشيرُ
وتوالى البشرُ منه والسرورُ
قَرَّتِ الأعينُ في طلعته
مُذ بدا وانشرَحَتْ منا الصدور
أشرقت في أفقنا وانتهجت
وكذا تطلعُ في الأفق البدور
يرفع الجورَ ويبدي عدله
منصفٌ بالحكم عدلٌ لا يجور
أوتيَ الحكمةَ والحكم وما
هُوَ إلاّ العالم البحر الغزير
فَوَّض الأمر إليه مَلِكٌ
ما جرتْ إلاّ بما شاء الأمور
من وزير أصْبَحت آراؤه
يسعد السلطان فيها والوزير
كان سر اللّطف مكنوماً وقد
آنَ للرحمة واللطف الظهور
من أمير المؤمنين انبعثتْ
حبّذا المأمورُ فيها والأمير
دولةٌ أيَّدها الله به
فَلَقَدْ طالتْ وما فيها قصور
وبشيرٌ لمليكٍ همُّهُ
أنْ يرى الناس وما فيهم فقير
أنتَ سيفٌ صارِمٌ في يده
وسحابٌ من أياديه مطير
أنتَ ظلٌّ مدَّه الله على
أهل هذا القطر أن حان الهجير
جئتَ بالبأس وبالجود معاً
إنّما أنتَ بشيرٌ ونذير
تمحقُ الباغين عن آخرهم
مثلما يحمو الدجى الصبحُ المنير
أصلحتْ بيضك ما قد أفسدوا
وكبا بالمفسد الجدُّ العثور
في حُروب تدرك الوتر بها
حاضَتِ البِيضُ بها وهي ذكور
عُدْتَّ منصوراً بجيشٍ ظافرٍ
وجَنابُ الحقِّ مولانا النَّصيرُ
بذلوها أنفساً عن طاعة
ضمنها الفوزُ وعقابها الحبور
تخطفُ الأرواح من أعدائها
مثلما تختطفُ الطيرَ الصقور
إنّما قرّبَتهم عن نَظَرٍ
ما له في هذه الناس نظير
عارفاً إخلاص من قرَّبته
ولأنتَ الناقدُ الشهمُ البصير
فتحتْ باباً لراجيك يدٌ
سدِّدتْ في حدّ ماضيها الثغور
وحمى أطرافها ذو غيرة
من مواضيك صليلٌ وزئير
مهلكٌ أعداءك الرعبُ كما
أهلكتْ عاداً من الريح الدبروُ
يا لك الله مشيراً بالذي
يُرتضى منه وبالخير مُشير
فإذا حادَ فغيثٌ ممطرٌ
وإذا حاربَ فالليث الهصور
وإذا حلّ بدارٍ قد بغتْ
حلَّ فيها الوبل منه والثبور
إنْ تسلْ عمَّن بغى في حكمه
فقتيلٌ من ظباه وأسير
أوقدوا النار التي أوروا بها
وسعى في هلكهم ذاك السعير
إذ يسير النصر في موكبه
معلناً تأييده حيث يسير
كيف لا يرجى ويخشى سطوةً
لا الندى نزر ولا الباع قصير
وإذا طاشت رجال لم يطشْ
أينَ رضوى من علاه وثبير
ذو انتقام شقي الجاني به
ولمن تاب عفوٌ وغفور
أبْغَضَ الشر فلا يَصْحَبُه
وانطوى منه على الخير الضمير
أنقذَ الأخبار من أشرارها
وشرار الشرّ فيهم مستطير
فالعراق الآن في خفضٍ وفي
مجدك الباذخِ مختال فخور
أنْتَ للناس جميعاً مَوْرِدٌ
ولها منكَ وُرودٌ وصُدورُ
أنتَ للناس لعمري منهلٌ
ونداك السائغُ العذب النمير
هذه البصرةُ منذ استبشرت
بِكَ وافاها من السعد بشير
حَدَثَت بالقرب من عمرانها
بعدما أخربها الدهرُ المبير
كبقايا أسْطرٍ من زُبُرٍ
بليتْ وابليت تلك السطور
فلعلّ الله أن يعمرها
بك والله بما شاء قدير
تتلافاها وإنْ أشْفَتْ على
جرفٍ هارٍ وأيلتها العصور
لك بالخير مساعٍ جمَّةٌ
وبما تعزم مقدام جسور
وإذا باشرت أمراً معضلاً
هان فيك الأمر والأمر عسير
قد شَهِدنا فوق ما نسمعه
عنك والقول قليل وكثير
فشهِدنا صحَّة القول وإنْ
قَصَّرَ الرّاوي وما في القول زور
ونشرت الفضل حتى خلته
قام منك البعث حشر ونشور
طلعت من أنجم الشعر بكم
وَبَدَتْ من أُفقه الشّعرى العبور
كلّ يومٍ لك سعدٌ مقبلٌ
وعلى الباغي عَبوسٌ قمطرير