سرينا وطالبنا هاجع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
(حولت الصفحة من سرَيْنا وطالبنا هاجعٌ)

سرَيْنا وطالبنا هاجعٌ

​سرَيْنا وطالبنا هاجعٌ​ المؤلف أبوالعلاء المعري


سرَيْنا، وطالبنا هاجعٌ،
وعندَ الصباحِ حَمدِنا السُّرى
بنو آدمٍ يطلبون الثّرا
ءَ، عند الثريّا، وعند الثّرى
فتىً زارعٌ، وفتىً دارعٌ،
كلا الرجلين غدا، فامترى
فهذا بعين وزاي يروحُ،
وذاك يؤوبُ بضاد ورا
وعاملُ قُوتٍ ذَرا حَبَّهُ،
وخِدْنُ ركازٍ ضحا، فاذّرى
وكُورُكَ فوقَ طويلِ المطا،
وسَرجُكَ فوق شديد القرا
وتجري دُفارِ بها جَدُّها،
بمثلِ الظلامِ، فإذا ماجرى
كأنّ بصاقَ الدَّبى، فوقَها،
إذا وقدَتْ، في الأنوف، البُرا
وذلك من حَرِّ أنفاسها،
يضاعفهُ حرُّ يومٍ جرى
تلومُ على أمّ دَفْرٍ أخاك،
وراءك إنّ هوىً قد ورى
عهدتُك تشبهُ سِيدَ الضَّراء،
ولستَ مشابهَ ليثِ الشَّرى
تَدِبّ، فإن وجدتْ خِلسةً،
فيا للسُّليك، أو الشنفرى
هو الشرّ، قد عمّ، في العالَمين،
أهلَ الوُهودِ، وأهل الذُّرا
لِيفينّ، في صَمتهِ، ناسكٌ،
إذا افتنّ، فيمايقول، الورى
فَكنَّوا صَبُوحيّةَ الشَّرب أُمَّ
ليلى، ومكةَ أُمَّ القُرى
وقالوا بدا المشتري في الظّلام،
فيا ليتَ شِعريَ ماذا اشترى؟
وترجو الرّباحَ، وأين الرّباحُ،
ونعتك في نفسِك الخَيسرا
عَذيريَ منْ ماردٍ فاجرٍ،
تَقرّأ، والمخزياتِ اقترى
فهوّنْ عليك لِقاءَ المَنونِ،
وقلْ، حين تَطرُق: أطرِقْ كرا
ونادِ، إذا أوعدتك: اعتِري،
فصبراً على الحُكم لمّا اعترى
ونفسي ترجّي، كإحدى النفوس،
وتَذري النوائبُ سَكْنَ الذُّرا
وكم نزلَ القَيْلُ عن منبرٍ،
فعادَ إلى عُنصر في الثرى
وأُخرِجَ، عَن مُلْكِهِ، عارياً،
وخَلّفَ مملكةً بالعَرا
إذا الضّيْفُ جاءَكَ، فابسِمْ له،
وقرّبْ إليه وشِيكَ القِرى
ولا تحقِر المُزدرَى في العيون؛
فكمْ نَفَعَ الهَيّنُ المزدرَى
ولا تحمِلُ البُزلُ تلكَ الوسوقَ،
إلاّ بأزرارها والعُرا
أجل! خَزَرَتْنيَ وثّابَةٌ،
سواها التي مشت الخيزَرى
فإنّ سُراءَ الليالي رمى
أوان شبيبتنا، فانسرى
ونوميَ موتٌ، قريبُ النشور،
وموتيَ نوْمٌ، طويلُ الكَرى
نؤمّلُ خالقَنا، إنّنا
صُرينا لنشربَ ذاك الصَّرا
سواءٌ عليّ، إذا ما هلَكتُ،
منْ شادَ مكرُمَتي، أو زرى
فأوْدى فلانٌ بسٌقمٍ أضرّ،
وأدوى فلانٌ بعِرقٍ ضرا
أبالنَّبْلِ أُدركَ أمْ بالرِّما
حِ، بين أسنّتها والسَّرا؟
فهلْ قامَ، من جَدَثٍ، مَيّتٌ،
فيخْبرَ عنْ مسمَع أو مَرَى؟
ولو هَبّ صَدّقَهُ معشرٌ،
وقال أناسٌ طغى وافترى
ولم يقرِ، في الحوضِ، راعي السوا
م إلاّ ليورده ما قرى
أفِرُّ، وما فَرأٌ نافرٌ،
بمعتصم منْ قضاءٍ فرا
أحِنُّ إلى أملٍ فاتَني،
وما للشَّبوبِ وعيشِ الفِرا
متى قرْقَرَ الهاتِفُ العِكْرِميُّ،
هيّجَ صبّاً إلى قَرْقرى
وقد يفسُدُ الفكرُ في حالةٍ،
فيوهِمُكَ الدُّرَّ قَطرُ السُّرا
سقاك المُنى، فتمنّيْتها؛
وصاغَ لك الطيفَ حتى انبرى
فلا تدْنُ منْ جاهلٍ آهلٍ،
لو انتُزِعَتْ خمسُهُ مادرى
أبى سيفُهُ قتلَ أعدائهِ،
وسافَ وليدتَهُ، أو هرا
وتختلفُ الإنسُ في شأنها؛
وأبعِدْ بمنْ باعَ ممن شرى
مُغنّيَةٌ أُعطيتْ مُرْغِباً؛
فغنّتْ، ونائحةٌ تُكترى
وهاوٍ ليُخرجَ ماءَ القليبِ؛
وراقٍ ليَجنيَ ثَولاً أرى
فإنْ نالَ شهداً، فأيسِرْ بهِ،
على أنّهُ، بسقوطٍ، حرى
نَزُولَ كما زال أجدادُنا؛
ويبقى الزمانُ على ما نرى
نهارٌ يُضيءُ، وليلٌ يَجيءُ،
ونجمٌ يغورُ، ونجمٌ يُرى