سرى والدجى كالصدر بالهم ملآن

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

سرى والدجى كالصدر بالهم ملآن

​سرى والدجى كالصدر بالهم ملآن​ المؤلف ابن نباتة المصري


سرى والدجى كالصدر بالهم ملآن
خيالٌ بقلبي منه كالشهب أشجان
فنفرٌ عن طرفي الكرى وأعاد لي
رسيس غرام وانقضى وهو غضبان
على حين لم ينضب من النجم قطرة
ولا فاض في الظلماء للفجر طوفان
ولا شفق الإصباح ماء وقهوة
ولا الطير في دوح على العود مرنان
يخيل لي طيفُ المليحة حسنها
لو أن الكرى فيه على الحسن إحسان
بروحي من شطت فحجبت النوى
شقائق خدَّيها وأقفر نعمان
كأن لم يكن نعمان للغيد منبتاً
فيا حبذا قضبٌ لديه وكثبان
ويا حبذا قضبٌ من البان حملها
لذي الثغر تفاح وذي الضم رمان
وكم قيل في البستان غصنٌ وهذه
معاطفها تجلى وفي الغصن بستان
وغيداء أما ردفها فهو مشبع
رويّ وأما خصرها فهو عريان
وما كنت أدري قبل فتك جفونها
بأن السيوف المشرفية أجفان
و من عجب محض الأعاريب جاده
تجوع على غلاته وهو شبعان
و أعجب من ذا أن في فمها الطلا
وإني الى تلك المليحة نشوان
لي الله قلباً لا يزال تهيجه
الى الحب أوطارٌ قدُمن وأوطان
أجيراننا بالشعب سقياً لعهدكم
وان كان عهداً حظنا منه أشجان
و لا زال عقد المزن دراً بداركم
يفصله من قادح الشوق مرجان
تذكرني الأشواق فيكم غزالة
تفرّ حياً منها الى البيد غزلان
فتاة رأى اللاحي عليها مدامعي
فقال رياضٌ قلت إنَّ وغدران
فبعت لها روحي أتم تبايعٍ
فيا حبذا لم ذا تفرق أبدانُ
ولم أنس مسرى شمسها وهي طلعة
يحف بها شهب الوغى وهو خرصان
إذا هب تلقاء الهوادج سحرةً
هواءٌ حثا في وجهه الترب غبران
يذبّ كما ذبّ ابن يحيى عن العلى
فلا الانس دان من حماها ولا الجان
أعم الورى جوداً وأبرع منطقاً
فقل في سحاب الجود تزجيه سحبان
ففي صدره الدهناء حلماً إذا اجتنى
وكفاه سيحانٌ علينا وجيجان
يجود وقد أرسى الوقار بعطفه
كما دفع السيل العرمرم ثهلان
و يقضي على أمواله فيمينه
وأكسياسه للمال نعش وأكفان
ندى متبعٌ بالمال جاهاً كما همى
على منبع السلسال أو طف هتّان
إذا جاد بالوجناء كالبيت حاتم
فمن جود مولانا قلاعٌ وبلدان
و من جود مولانا ناعلاً ومناصبٌ
وعلمٌ لنظام الثناء وتبيان
ولا عيب في نعمائه غير أنها
لأعناق أحرار البرية أثمان
و لا عيب أيضاً في بديع كلامه
سوى أنه بالحسن للناس فتّان
خطاب كذوب الشهد في فم ذائقٍ
ولكنه في مهجة الضد خطبانُ
رقيق فما الصهبا لديه ذكية
وجزل فما الرمح المدرب ملسان
مضى وبدا عبد الرحيم وأحمد
فلله آثارٌ كرُمنَ وأعيان
و لله من لفظ ابن يحيى وفضله
علينا مدا الأيام روحٌ وريحان
وزيرٌ له الحسنى صفاتٌ وكاتبٌ
عليه لأوضاع السيادة عنوان
محيط الندى بالعالمين كأنما
له الأرض دارٌ والبرية ضيفان
و كافل أمر الملك حتى كأنما
هو الروح والملك المحرك جثمان
و بالغها في مرتقى المجد رتبةً
تلظى ولم يظفر بها قبلُ كيوان
له قلم يجدي ويردى به العدى
فلله طعام اليراعة طعّانُ
تعلم سطو الأسد في كرم الحيا
زمان سقته السحب والدار حفان
إذا قال صاغ الدر لفظاً وأنعماً
كما شهدت أجياد قوم وأذهان
فأسطره نحو الدراري سلالمٌ
والا فنحو الدر في البحر أشطان
و ياربّ جيش نقعه ونضالهُ
دخان تراعيه الوحوش ونيران
تظل به العقبان آلفة القنا
كأنهما ورقُ الحمائم والبان
كأن الثرى خد من الدم مشرق
إذا ما التقى الصفان والخيل خيلان
تلقف ذاك النضو جمع سلاحه
كما في اليد البيضاء للقف ثعبان
يصرفه البحر الذي البحر كفه
وأنمله أنهار رزقٍ وخلجان
من القوم حلوا محل آفاق دولة
فهم في سماء العز والرأي شهبان
ألم ترهم كالشهب لما علموا حموا
ولما حموا ضاؤوا ولما أضوا رانوا
لعدلهمُ صلح الضراغم والظبا
وبين الندى والوفر عبسٌ وذبيان
يرجح ما بين الكواكب فضلهم
ومن أجل هذا للكواكب ميزان
جمعتم بني الفاروق ما افترق العلى
ونظمتمو أحوالها وهي شدّان
لعمري لقد طبتم وطابت محاتدٌ
وطابت لكم يا زبدة الفضل ألبان
و حسبك يا فرع السيادة والعلى
فنونٌ أضاءت في الفخاروأفنان
تجمع في أوصافك اللطف والسطا
كأنك في أثنائنا حرّ نيسان
و سرّ وقد أحيت محياك آخذاً
كتاب العلى بل سرّ جدك عدنان
رأتك نظير العين في الناس دولة
على رأسها من صوغ لفظك تيجان
لقد شاءَ ربّ تفضيل قدرهم
كأنك فيهم يا أخا العين إنسان
و إنك يا عين الملوك شهابهم
إذا زاغ في أفق المهالك شيطان
و إنك للبحر الذي كله وفاً
وكل حصى شطيه في النقد عقيان
بدأت بخير طال دون تمامه
لحظي وللأيام عدوٌ وعدوان
و دافعني الديوان عن متوفرٍ
ولي فيك يا أوفى الخليقة ديوان
فقم في ذرى العليا قيام عناية
سيمضي بها أزمان ذكرٍ وأزمان
و دونك مني كل مشرقة الثنا
لها الأفق مغنى والأهلة جيران
منظمة من كلّ بيت بودّكم
ففي كلّ بيت للموالاة سلمان
ولا عيب فيها غير راحة نظمها
وحاسدها ذاك المنكل تعبان
يحاول نظماً مع مثاقيل نظمه
كأنّ يراعاً في الأنامل قبّان