رسالة محمد الأول إلى أبي النصر المحمودي يبرر انقطاع المراسلة بينهما لانشغاله بالجهاد في أوروبا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​رسالة محمد الأول إلى أبي النصر المحمودي يبرر انقطاع المراسلة بينهما لانشغاله بالجهاد في أوروبا​ المؤلف محمد الأول
ملاحظات: وردت هذه الرسالة بِاللُغة العربيَّة في المُجلَّد الأوَّل من كتاب «مجموعة مُنشآت السلاطين» لأحمد فريدون بك، الصادر سنة 1275هـ في دار الطباعة العامرة بإستانبول. صحيفة 164 - 165. رابط تحميل نسخة من الكتاب.


بسم الله الرحمن الرحيم

تيمُّنًا بِذكره العزيز العلَّام، الذي يبقى وجهه ذو الجلال والإكرام، مدَّ الله تعالىٰ طناب خيام دولته السُلطاني الإمامي الهمَّامي الأعظمي الأكرمي الأعلمي الأعدلي الأشجعي الكاملي الكافلي المُكملي المشيدي المُنعمي الأرفعي الأوسعي الجليلي الجميلي المُعظمي المُفخمي الزعيمي الكريمي المُرابطي المشاعري الأولوي الأعلوي ملك المُلُوك في العالم، أُسوة الحُكَّام بين الأُمم، مُعين الإسلام والمُسلمين، غوث الملهوفين وغيَّاث المظلومين، ظهير الإقبال والخواقين، قهرمان الماء والطين، حامي سُكَّان الحرمين الشريفين، قائد حُجَّاج الصفا والمروتين المخصوص بِمحض اللطف الودودي، عضُد المُلك والدين، أبو النصر شيخ المحمودي، خلَّد الله تعالىٰ أيَّام سلطنته وإقباله وأدام أعوام عزَّه وإجلاله، ما دار الفلك وسبَّح السمك، وبعد؛

فلمَّا كان مراسم المحبَّة بيننا مُشيَّدة كبُنيانٍ مرصوص وثابتة بِالآيات والنُصُوص، لزم علينا تجديد المُصادقة القديمة وتمهيد المُخالصة المُستقيمة، فالمُحب المُخلص غب إبلاغ الدعوات الخالصات المُستجابة وأثر إهداء المدحات الوافيات المُستطابة الصادرة عن خُلُوص الوداد وخُصُوص الاعتقاد يُبدى إلى علمه الكريم علم الكريم لا زال محفوفًا بِما يُسِّر من المطالب العاليَّة البهيَّة والمقاصد الرفيعة السُنيَّة، إنَّ هذا المُحب المُخلص منعهُ الاشتغال بِدفع أعداء الله تعالىٰ القاصدين لِتخريب بلاد الإسلام وقتل المُسلمين وقهرهم، عن إرسال الرُسُل وإبداء الأشواق ورفع الواقعات، والآن لمَّا وقع الفراغ بِعون الله تعالىٰ وفضله وبركات رسول الله من قهرهم واستئصالهم وتدميرهم وتخريب بلادهم وقتل أمرائهم وصناديدهم وأخذ حُصُونهم، أراد تحريك سلسلة المحبَّة والإخلاص، وإبداء ما رسخ في القلب من المودَّة والاختصاص، ووقع ما وقع بِفضل الله تعالىٰ من الفتح وارتفاع أعلام الدين وتدمير أعداء رب العالمين، إلى العلم الكريم لِينشرح به القلب الكريم الذي قصده مدى الأيام في إعلاء كلمة الله تعالىٰ ونصر أوليائه وقهر أعدائه وكفى بِذلك فخرًا وذخرًا، جهَّز الأمير الخطير افتخار الأُمراء العظام يُنبُوع الألطاف والمكارم معدن المآثر والمفاخر، يمين المُلُوك العظام، افتخار الحُجَّاج والمُعتمرين، الحاج خير الدين خليل بك، أدام الله تعالىٰ عزُّه لِينوب عن هذا المُحب في إعلام ما في ضميره من فرط المحبَّة وصدق النيَّة وخُلُوص الاعتقاد وصدق الطوية، ويُبدي أنَّ الإخلاص الموروث الذي لِهذا المُحب إرثٌ من آبائه لِخدمته الشريفة على الزايد بِتعاقب الليالي والأيَّام وتكرُّر الشُهُور والأعوام شامخة البُنيان راسخة الأركان، لا يُمكن أن ينشق مشامها رايحة الذُلل، أو يخلط مباسمها شايبة الخلل، وحمَّلناه من المُشافهات لِيرفعها إلى المسامع الكريمة لا زالت محفوفة بالسلامة والكرامة، فالمأمول من اللُطف التَّام والكرم العام الإصغاء إليها على عادته الحسنة البهيَّة وسيرته الكريمة المرضيَّة، والمسئول من شيم الجناب المُنيف أن يُشرِّف هذا المُحب المُخلص أحيانًا بِمُشرفاته الكريمة المُشرَّفة وكُتُبه المُبجَّلات المُبجَّلة، ويُنبه بِأخباره السّارَّة الدالَّة على انتظام أُمُور الدولة المُظفَّريَّة القاهرة، لا زالت منصورة الأعلام ناصرة لِدين الإسلام لِيكون سببًا لِلبهجة وانشراح الخواطر وأن يعلم بِسوانح المُهمَّات التي في وسع هذا المُحب اتمامها لِيجد فيها مُباهيًا ويهتم بها كُل الاهتمام إن شاء الله تعالىٰ، وأن يُمكِّن التُجَّار والقوافل القاصدين لِبلادنا من الوُرُود حسبما يكن لهم المنفعة ويُسر ربح مُبايعتهم موانعهم نفعًا لِلعباد لِيُعينه الله الملك المُتعال في المُهمَّات بِفضله العظيم ويُؤيِّده بِملائكة السموات بِلُطفه العميم.

وكُتب في رابع شوَّال سنة اثني وعشرين وثمانمائة بِمقام بروسة.مُلاحظة 1

هوامش[عدل]

  1. المُوافق فيه 8 كانون الثاني (يناير) 1478م.