راق للأبصار حسنا وجمالا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

راقَ للأبصارِ حسناً وجمالا

​راقَ للأبصارِ حسناً وجمالا​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


راقَ للأبصارِ حسناً وجمالا
بَدرُ تِمّ لاحَ فکستوفى الكمالا
قَرَّت العينُ به من أبلجٍ
فَرَأتْ أعينُه السِّحْرَ حلالا
كلّما زاد وَميضاً برقه
زادني من لوعة الوجد کشتعالا
ظامىءُ الأحشاء في الحبّ إلى
مانعي من ثغره العذب الزلالا
لا أبالي في صبابات الهوى
أَقْصَرَ العاذلُ لومي أمْ أطالا
كم طعينٍ بقوام أهيفٍ
هو لم يشهد طعاناً ونزالا
إنَّ للصّبِّ لعمري كبِداً
زادَ في القلب من الوجد ذبالا
صانَ في أحشائه الحبّ وقد
أهرقتْ أجفانه الدمع المذالا
يامُحِلاَّ في الهوى مني دماً
سيف عينيه وما كان حلالا
وكمالات وعلم ونهىً
هبة من جانب الله تعالى
دَبَّرَ الملك برأي ثاقب
وأحال الجَوْرَ عدلاً فکستحلا
وكسى بغداد في أيّامه
حُلَّةَ الفخر جمالاً وجلالا
كلَّما جالت به أفكارنا
من ثناءٍ وجدتْ فيه مجالا
فرأيناها لعمري بلدةً
نِعَمُ الله عليها تتوالى
قَد زَهَتْ فيه وقد عَمَّرها
واحدُ الدنيا مقالاً وفعالا
والعراق الآن لولا عدلُهُ
ما رأى من بعد ما کعوجَّ اعتدالا
لو دعا الشُّمَّ الرواسي أمره
لم تُجِبْ دَعوتَه إلاَّ کمتثالا
أخذتْ زخرفها وازَّينت
فهي للجنَّةِ قد أمست مثالا
حكمٌ تهدي إلى الرشد ومن
زاغ عنها فلقد ضلَّ ضلالا
وسجاياه التي في ذاته
بَزَغَتْ في أُفُق المجد خلالا
فيْ مزاياه لعمري كرمٌ
وَسِعَ الناس به جاهاً ومالا
لو تطلَّبتَ سواها مثلها
كنتَ ممّن يطلب الشيء المحالا
دولة أيّدها الله فما
ترهب الدنيا ولا تخشى زوالا
من رجالٍ نظم الملك بهم
وإذا كان الوغى كانوا جبالا
قوّةٌ في ذاتهم لو حاولوا
أنْ يزيلوا جبلاً فيها لزالا
زارَ بغدادَ فزارتنا به
أَيْمُنُ الخير يمينا وشمالا
يا لها من زورةٍ مقبولةٍ
أطلعتْ منك على الناس هلالا
فلقد ولاّك سلطان الورى
لا أراني الله فيك الانفصالا
يومَ أقبلتَ على بغداد في
أَيّ يوم كان للعيد مثالا
هو ظلُّ الله في الأرض وقد
مدَّ بالأمن على الناس ظلالا
جئتَ بالخير علينا مقبلاً
وتنقَّلْتَ مع السعد انتقالا
فرأينا منك وما لم نرهُ
قبلَ أنْ جئتَ كمالاً وجمالا
وإذا ما مَدَّ يوماً باعه
ظال فيما يبتغيه وکستطالا
يقصر المادح عنها مطنباً
كلّما بالغ بالمدح وغالى
باسطٌ بالخير والحسنى يداً
نَوَّلَتْ من كلّ ما نهوى نوالا
وإذا جَرَّدَهم يومَ وغىً
مثلما جرَّدَ أسيافاً صقالا
أشرفُ الناس وأعلاهم سنىً
أَشْرَفَ الناس مزاياً وخصالا
رحم الله تعالى روحهم
إنَّهم كانوا إلى الخير عجالى
لا أراني عَنْ غنىً منفصلاً
إنْ يكنْ لي بمعاليه کتّصالا
يا ملاذي ومآلي لم تَزَلْ
أنا لي فيها ملاذاً ومآلا