راع قلبي مشيب رأس خليس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

راع قلبي مشيبُ رأس خليسِ

​راع قلبي مشيبُ رأس خليسِ​ المؤلف ابن الرومي


راع قلبي مشيبُ رأس خليسِ
راع جهلي والكَيْس بالتكييسِ
حالكٌ غيَّرته جُونٌ وعِيسٌ
فهو لونان بين جُون وعيسِ
والليالي وناسِخاتُ الليالي
تُوشكُ القَدْحَ في الصحيح المليسِ
كم صَليبٍ من الصفا آيستْهُ
عُقبُ الدهر أيما تأييس
لَمَسَتْني أكفُّهن فأبقتْ
أثراً لا يروق عَيني لميس
وكذاك الفتى بموقف موقو
فٍ على حادث الزمان حبيس
خائفٍ من مبارز وكمينٍ
وجِلٍ من مُجاهرٍ ودسيس
تَرْحاً للزمان من مُستأيسٍ
ولمن يرتجيه من مُستئِيس
كلما استدرجَ المؤمِّل فاغْتَرْ
رَ رماهُ بفيلق دَرْدَبيس
ثم يُدعَى جريحُه السالم الغا
نم إذا أخْطَأتْه حال الفَريس
بينما من يروده في مراعي الرْ
رُطب إذ صار في مراعي اليبيس
ثم يأتي مكان رأسٍ برجْلَي
نِ ضلالاً لذاك من تَرْئيس
كم له من بطانة لا يُعفى
صَرْفُهُ عارها سَجيسَ عَجيس
مُحْدثي رفعةٍقَديمي سَفالٍ
غلّسُوا فيه أيَّما تَغْليس
سُئِّلوا كيف نَوْمَة التارِك المج
دَ فقالوا كَنوْمة التَّعريس
لابسي ملبسٍ من الجهل لا ين
فك عينَ الجديد غير اللبيس
أُبْهمَ القومُ غير شك وأُنِّس
تَ فعادوا فضيلة التأنيس
قلتُ داليةً أعانتنيَ الجنْ
نُ عليها لا شك دون الأَنيس
مادحاً صاعداً بها وعلاءً
مُطنباً في الخسيس وابن الخسيس
فكأنِّي هَيَّاتُها لحماريْ
ن يَرُودان في خَلِيس الوديس
لم يُصيبَا في أمرها فأصيبَا
بعذابٍ من الإله بئيس
ظَلَمَاها فعوقبا بيد الله
فخرَّا من حالق مَرْمَريسِ
ويد الله تلك ناصر دين ال
لَّه ليثُ البِراز لا العِرِّيس
والشهابُ الذي تهاوَى فأهوَى
كل عِفْريتِ فتنة عِتْريس
من بني هاشم ومن آل عبَّا
س بَنى الله بيْتَه في الدَّخيس
يا لها حُلةً نسيجة وَحْدٍ
لم يكن حَظُّها سوى التدنيس
يا لها حِيلةً أُجيدت لشَمْطا
ءَ وأخرى مَبْنيَّة التَّقويس
صاعد وابنه وما للخسيسيْ
ن وللمدح بالكلام النفيس
لم يكن من حُلَى الخَبِيثَين لكن
من حُلى كل ماجد نِقْريس
وحُلى السادة الأكابر ليست
من حُلى الجاثليق والقِسيس
لاحَظَاها بغير عيني سُليما
نَ فلم يَصبُوا إلى بلقيس
حَسُنت كلها وطابت فسادتْ
في الضَّعيفَينِ سورة الخَنْدريس
وكذا الخندريس تُضْحي وتًمْسي
آفةَ العقل غير ذي التأسيس
ذاتُ طَعْمٍ ومنظرٍ ونَسيمٍ
وحُمَيا وهِزَّةٍ ورَسيس
حُكْمها في العقولِ تذكية الأَقْ
وى ورمي الضعيف بالتَّهويس
لم يكن آفةُ القصيدةِ إلا
ذاك فاترك مقال ذي التلبيس
ظلمَ الشعرُ صاعداً وكذا كم
ظلمتْهُ الملوكُ بالتَفْريس
بل هو الظالم الذي ظل يرقى
راكباً مركباً من التدليس
يتعاطى الكبيرَ بعد صغير
لم يُطقْ حَمْله بأقصى النَّسيس
كاتبٌ ضاق باليراعة ذَرْعاً
فتعاطى القناة نزوَ السريس
واعْتزى كاذباً إلى آل كعب
وانتمى زِيُّه إلى باذَغيسِ
واستباح الأموال يُعمِلُ فِيهِنْ
نَ بلا مدفع ولا تنفيس
نفقات كادت تُفَلِّسُ بيت ال
مال أقصى نهايةِ التفليس
وتولى وزارتين فأضحى ال
حقُّ غضبانَ ظاهر التعبيس
وبتدبيره عصى ابْن سجستا
نَ ومن قبلِه أخو تنِّيس
شؤم رأيٍ أتى على الشرق والغر
بِ من المدَّعي الدعيِّ النحيس
قالتْ الخيلُ للدعي دع المَعْ
و ولا تخلطنَّه بالغَسيس
لست من شكلنا وليس من الفا
ل عُطاسٌ يكون عن تعطيس
لم تضَع للتي تَكدَّس بالأَب
طال بل للحصاد والتكديسِ
خارَ أصحابُه لَدُنْ صَحِبُوهُ
فغدا اللِّيسُ منهم غير لِيس
وغدت ذِلة النصارى على المل
ك فأضحى أوزاعَ شِلوٍ نَهيس
عجباً من موفق الرأي ولَّى
كلبَ خَسٍّ مكان رئْبال خِيس
ومن النُّكر حَوكيَ المدحَ فيه
وهو أولى بالوطء والتضريس
لم يكن صاعدٌ مكاناً لمدحٍ
لا ولا موضعاً لقوْدِ خَميس
يا لتَفْضيله ومدحيَ فيه
وهو أهل الهجاء والتخسيس
كيف أعطاهُ غير حَقَّيه عدلٌ
لا يُعير النديمَ حق الجليس
كيف قلتُ الفصيح في فاحش العُجْ
مةِ كالطَمْطَميَّ من بَدْليس
قال يوماً كنا بطوس فنادو
هُ ألا اخفض فقال كنا بطِيس
وإذا رام أن يفوه بقدّو
س أبَى مِرْنةً سوى قديس
غلبت لكنة النصارى على في
ه فأعيت علاج بُقْراطيس
ربما أرتجته فارتج شدقا
هُ من العي كارتجاج القريس
ما أراني غَلِطْتُ في العبد بل قل
ت بتقليد سيدٍ بِرْعيس
ومن اختاره الأميرُ مدحنا
هُ وكان السعيدَ غير النحيس
ومن ازْورَّ عنه يوماً هجونا
هُ وكان النحيس عين النحيس
وَلَمَا غُولِط الأميرُ ومن أي
ن وما غَوْر دَهْيِه بمقيس
بل إخالُ الأمير جرّبَ والمر
ءُ يُحب التجريبَ للتجريس
كان كالمتلف البضاعة في المت
جر حتى استفاد كيْسا بكيس
ثم صال الأمير بالثعلب الحا
ئن صول المحقِّ لا الغِطريس
فكم انشق مدفنٌ عن دفينٍ
وكم انعقَّ مَكْبس عن كبيس
وثنَى بابنه السفيه المعنَّى
بأساطير أَرِسْطَاطاليس
والذي لم يُصخ بأذْنيه إلا
نحو ذو ثوريوسَ أو واليس
عاقداً طرفَه ببهرامَ أو كي
وانَ أو هِرمسٍ أو البرجيس
أو بشمس النهارِ والبدر والزُّه
رةِ عند التثليث والتسديس
واجتماعاتهن في كل قيد
وافتراقاتهن عن كل قِيس
كي يروم القضاء قَسْراً وأولى
أن يُرام القضاء بالتخييس
يشْهد الله أنه كان نجلاً
ما تلقَّتْه لِقوةٌ عن قبيسِ
سِلمُ عيٍّ محارباً كل شيءٍ
وافرٍ حظه من التقديس
دهَّرته جهالةٌ نصَّرته
ثم عادت عليه بالتمجيس
لم يزل سادراً يسيرُ ويَسري
من هواه المضلِّ في إمْليس
وكذا صاعداً أبوه ألا بُع
داً لإبليسَ وابنه لاقيس
تركت آل مَخْلدٍ سخطةُ ال
لَّه كطَسْم بحقِّهم وجَديس
هل ترى رائياً لهم من خيال
هل ترى سامعاً لهم من حَسيس
بَهَظُوا الأرض بالكنوز وقد أض
حَوا وما يملكون من هَلْبسيس
نازعوا النحل في جناها فحَالَتْ
حاصبات القَليس دون القليس
ها أنا المنذرُ المحذِّر من يظْ
لم شعراً من سُوقَةٍ ورئيس
فَلَهُ ناصرٌ من الله إن جَا
دَ وإن لم يجُدْ فمن إبليس
لم يزل بين نكبة وهجاءٍ
ظالمُ الشعرِ في أَحرِّ وطيس
كالحاً في وثاقه الدائم الجِدْ
دَة أو عرضه اللبيس الدَّريس