الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية/25»
استيراد تلقائي للمقالات |
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى |
||
سطر 1: | سطر 1: | ||
{{رأسية |
|||
|عنوان= [[العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية]] |
|||
|مؤلف= محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي |
|||
|باب= وفاة الشيخ رحمه الله بالقلعة وما كتب بها قبل موته |
|||
|سابق= → [[../24|انتصار علماء بغداد للشيخ في مسألة شد الرحال للقبور]] |
|||
|لاحق=[[../26|ما كتبه العلماء في وفاة الشيخ]] ← |
|||
|ملاحظات= |
|||
}} |
|||
==وفاة الشيخ رحمه الله بالقلعة وما كتب بها قبل موته== |
==وفاة الشيخ رحمه الله بالقلعة وما كتب بها قبل موته== |
||
ثم إن الشيخ رحمه الله تعالى بقي مقيما بالقلعة سنتين وثلاثة أشهر وأياما ثم توفي إلى رحمة الله ورضوانه وما برح في هذه المدة مكبا على العبادة والتلاوة وتصنيف الكتب والرد على المخالفين |
ثم إن الشيخ رحمه الله تعالى بقي مقيما بالقلعة سنتين وثلاثة أشهر وأياما ثم توفي إلى رحمة الله ورضوانه وما برح في هذه المدة مكبا على العبادة والتلاوة وتصنيف الكتب والرد على المخالفين |
المراجعة الحالية بتاريخ 01:50، 16 مايو 2009
وفاة الشيخ رحمه الله بالقلعة وما كتب بها قبل موته
ثم إن الشيخ رحمه الله تعالى بقي مقيما بالقلعة سنتين وثلاثة أشهر وأياما ثم توفي إلى رحمة الله ورضوانه وما برح في هذه المدة مكبا على العبادة والتلاوة وتصنيف الكتب والرد على المخالفين
وكتب على تفسير القرآن العظيم جملة كثيرة تشتمل نفائس جليلة ونكت دقيقة ومعان لطيفة وبين في ذلك مواضع كثيرة أشكلت على خلق من علماء أهل التفسير
وكتب في المسألة التي حبس بسببها عدة مجلدات منها كتاب في الرد على ابن الأخنائي قاضي المالكية بمصر تعرف بالأخنائية ومنها كتاب كبير حافل في الرد على بعض قضاة الشافعية وأشياء كثيرة في هذا المعنى أيضا
وفاة الشيخ عبد الله أخي الشيخ
وفي هذه المدة التي كان الشيخ فيها بالقلعة توفي أخوه الشيخ الإمام العالم العلامة البارع الحافظ الزاهد الورع جمال الإسلام شرف الدين أبو محمد عبد الله توفي يوم الأربعاء الرابع عشر من جمادي الأولى من سنة سبع وعشرين وسبعمائة وصلى عليه ظهر اليوم المذكور بجامع دمشق وحمل إلى باب القلعة فصلى عليه مرة أخرى وصلى عليه أخوه وخلق من داخل القلعة وكان الصوت بالتكبير يبلغهما وكثر البكاء في تلك الساعة وكان وقتا مشهودا ثم صلي عليه مرة ثالثة ورابعة وحمل على الرؤوس والأصابع إلى مقبرة الصوفية فدفن بها وحضر جنازته جمع كثير وعالم عظيم وكثر الثناء والتأسف عليه
وكان رحمه الله صاحب صدق وإخلاص قانعا باليسير شريف النفس شجاعا مقداما مجاهدا بارعا في الفقه إماما في النحو مستحضرا لتراجم السلف ووفياتهم له في ذلك يد طولى عالما بالتواريخ المتقدمة والمتأخرة وكان رحمه الله شديد الخوف والشفقة على أخيه شيخ الإسلام
وكان يخرج من بيته ليلا ويرجع إليه ليلا ولا يجلس في مكان معين بحيث يقصد فيه ولكنه يأوي إلى المساجد المهجورة والأماكن التي ليست بمشهورة
وكان كثير العبادة والتأله والمراقبة والخوف من الله ولم يزل على ذلك إلى حين مرضه ووفاته
ومولده في اليوم الحادي عشر من المحرم سنة ست وستين وستمائة بحران
وسمع من أبي اليسر والجمال عبد الرحمن البغدادي وابن الصيرفي والشيخ شمس الدين وابن البخاري وخلق كثير
وحدث وسمع الكتب الكبار
وقد سئل عنه الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني فقال هو بارع في فنون عديدة من الفقه والنحو والأصول ملازم لأنواع الخير وتعليم العلم حسن العبادة قوي في دينه جيد التفقه مستحضر لمذهبه استحضارا جيدا مليح البحث صحيح الذهن قوي الفهم
معاملة الشيخ في سجنه بالقلعة
قلت وما زال الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذه المدة معظما مكرما يكرمه نقيب القلعة ونائبها إكراما كثيرا ويستعرضان حوائجه ويبالغان في قضائها
وكان ما صنفه في هذه المدة قد خرج بعضه من عنده وكتبه بعض أصحابه واشتهر وظهر
فلما كان قبل وفاته بأشهر ورد مرسوم السلطان بإخراج ما عنده كله ولم يبق عنده كتاب ولا ورقة ولا دواة ولا قلم وكان بعد ذلك إذا كتب ورقة إلى بعض أصحابه يكتبها بفحم وقد رأيت أوراقا عدة بعثها إلى أصحابه وبعضها مكتوب بفحم منها ورقة يقول فيها بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونحن لله الحمد والشكر في نعم متزايدة متوافرة وجميع ما يفعله الله فيه نصر الإسلام وهو من نعم الله العظام هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفي بالله شهيدا فإن الشيطان استعمل حزبه في إفساد دين الله الذي بعث به رسله وأنزل كتبه
ومن سنة الله أنه إذا إراد إظهار دينه أقام من يعارضه فيحق الحق بكلماته ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق والذي سعى فيه حزب الشيطان لم يكن مخالفة لشرع محمد وحده بل مخالفة لدين جميع المرسلين إبراهيم وموسى والمسيح ومحمد خاتم النبيين صلى الله عليهم أجمعين
وكانوا قد سعوا في أن لا يظهر من جهة حزب الله ورسوله خطاب ولا كتاب وجزعوا من ظهور الأخنائية فاستعملهم الله تعالى حتى أظهروا أضعاف ذلك وأعظم وألزمهم بتفتيشه ومطالعته ومقصودهم إظهار عيوبه وما يحتجون به فلم يجدوا فيه إلا ما هو حجة عليهم وظهر لهم جهلهم وكذبهم وعجزهم وشاع هذا في الأرض وأن هذا مما لا يقدر عليه إلا الله ولم يمكنهم أن يظهروا علينا فيه عيبا في الشرع والدين بل غاية ما عندهم أنه خولف مرسوم بعض المخلوقين والمخلوق كائنا من كان إذا خالف أمر الله تعالى ورسوله لم يجب بل ولا يجوز طاعته في مخالفة أمر الله ورسوله باتفاق المسلمين
وقول القائل إنه يظهر البدع كلام يظهر فساده لكل مستبصر ويعلم أن الأمر بالعكس فإن الذي يظهر البدعة إما أن يكون لعدم علمه بسنة الرسول أو لكونه له غرض وهوى يخالف ذلك وهو أولى بالجهل بسنة الرسول واتباع هواهم بغير هدى من الله ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ممن هو أعلم بسنة الرسول منهم وأبعد عن الهوى والغرض في مخالفتها ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين
وهذه قضية كبيرة لها شأن عظيم ولتعلمن نبأه بعد حين
ثم ذكر الشيخ في الورقة كلاما لا يمكن قراءة جميعه لانطماسه وقال بعده
وكانوا يطلبون تمام الأخنائية فعندهم ما يطمهم أضعافها وأقوى فقها منها وأشد مخالفة لأغراضهم فإن الزملكانية قد بين فيها من نحو خمسين وجها أن ما حكم به ورسم به مخالف لإجماع المسلمين وما فعلوه لو كان ممن يعرف ما جاء به الرسول ويتعمد مخالفته لكان كفرا وردة عن الإسلام لكنهم جهال دخلوا في شيء ما كانوا يعرفونه ولا ظنوا أنه يظهر منه أن السلطنة تخالف مرادهم والأمر أعظم مما ظهر لكم ونحن ولله الحمد على عظيم الجهاد في سبيله
ثم ذكر كلاما وقال
بل جهادنا في هذا مثل جهادنا يوم قازان والجبلية والجهمية والاتحادية وأمثال ذلك وذلك من أعظم نعم الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون
ومنها ورقة قال فيها
ورقة أخرى مما كتبه الشيخ في السجن
ونحن ولله الحمد والشكر في نعم عظيمة تتزايد كل يوم ويجدد الله تعالى من نعمه نعما أخرى وخروج الكتب كان من اعظم النعم فإني كنت حريصا على خروج شيء منها لتقفوا عليه وهم كرهوا خروج الأخنائية فاستعملهم الله تعالى في إخراج الجميع وإلزام المنازعين بالوقوف عليه وبهذا يظهر ما أرسل الله به رسوله من الهدى ودين الحق
فإن هذه المسائل كانت خفية على أكثر الناس فإذا ظهرت فمن كان قصده الحق هداه الله ومن كان قصده الباطل قامت عليه حجة الله واستحق أن يذله الله ويخزيه
وما كتبت شيئا من هذا ليكتم عن أحد ولو كان مبغضا والأوراق التي فيها جواباتكم غسلت
وأنا طيب وعيناي طيبتان أطيب ما كانتا
ونحن في نعم عظيمة لا تحصى ولا تعد والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
ثم ذكر كلاما وقال
كل ما يقضيه الله تعالى فيه الخير والرحمة والحكمة إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو القوي العزيز العليم الحكيم ولا يدخل على أحد ضرر إلا من ذنوبه ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك فالعبد عليه أن يشكر الله ويحمده دائما على كل حال ويستغفر من ذنوبه فالشكر يوجب المزيد من النعم والاستغفار يدفع النقم ولا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراله إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
وهذه الورقة كتبها الشيخ وأرسلها بعد خروج الكتب من عنده بأكثر من ثلاثة أشهر في شهر شوال قبل وفاته بنحو شهر ونصف
ولما أخرج ما عنده من الكتب والأوراق حمل إلى القاضي علاء الدين القونوي وجعل تحت يده في المدرسة العادلية
وأقبل الشيخ بعد إخراجها على العبادة والتلاوة والتذكر والتهجد حتى أتاه اليقين
وختم القرآن مدة إقامته بالقلعة ثمانين أو إحدى وثمانين ختمة انتهى في آخر ختمة إلى آخر اقتربت الساعة إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ثم كملت عليه بعد وفاته وهو مسجى
كان كل يوم يقرأ ثلاثة أجزاء يختم في عشرة أيام هكذا أخبرني أخوه زين الدين
وكانت مدة مرضه بضعة وعشرين يوما وأكثر الناس ما علموا بمرضه فلم يفجأ الخلق إلا نعيه فاشتد التأسف عليه وكثر البكاء والحزن ودخل إليه أقاربه وأصحابه وازدحم الخلق على باب القلعة والطرقات وامتلأ جامع دمشق وصلوا عليه وحمل على الرؤوس رحمه الله ورضي عنه