جدد بكاء لبين جديد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

جدد بكاء لبين جديد

​جدد بكاء لبين جديد​ المؤلف البحتري


جَدَّد بُكاءَ لبَينٍ جَدِيدْ،
وَنَبّهَ أقاصَي الدّمُوعِ الهُجُودْ
فَسَوفَ تُحِلُّ الخَليطَ القَرِيبَ
دَوَاعي النّوَى في مَحَلٍّ بَعيدْ
شَكَوْنَا الصّدودَ فَجَاءَ الفِرَا
قُ، فأنسَى الجَوَانحَ وَقعُ الصّدودْ
لَئِنْ لَمْ تَكُنْ سَلْوَةٌ فالحِمَا
مُ يكونُ قُصَارَ المُحبّ العَميدْ
أجِيرَانُنَا أذمَعُوا عَنْ زَرُودٍ
رَحيلاً، وَما رابهمْ مِنْ زَرُودْ
تَوَلّوْا بِبيضٍ كَمِثْلِ الظّبَاءِ
مِنَ الآنِسَاتِ الرّعابيبِ، غِيدْ
مزجنا كُؤوسِ الهوَى، مرّةً،
بتلْكَ العُيُونِ، وتِلْكَ الخُدُودْ
لكَ الفَضْلُ مُتّصِلاً يا مُحَمّـ
ـدُ بنُ حُمَيدِ بنِ عَبدِ الحَميدْ
أمَا وَأبي طَيِّءٍ، إنّها
لَتَفْخَرُ مِنْكَ بِمَجْدٍ مَجيدْ
بِحَلٍّ وقْدٍ وَحَزْمٍ وفضلٍ
ونَيَلٍ وبذل وبَأسٍ وَجُودْ
عَطاؤكَ فيها وَفي غَيرِها،
جَزِيلُ الطّرِيفِ، جزيلُ التّليدْ
إذا قيلَ قَدْ فَنيَ السّائِلُونَ
قالَتْ عَطاياكَ: هَلْ من مَزِيدْ
وَكمْ لكَ في النّاسِ مِنْ حاسِدٍ،
وَفي الحَسَدِ النّزْرِ حَظُّ الحَسودْ
يَودُّ الرّدَى لكَ كانَ الرّدَى
بهِ، وَوَقَيْنَاكَ فَقْدَ الفَقيدْ
وَلَوْ تم لا تَمّ تَأميلُهُ،
لَكَانَ بِذَلكَ غَيرَ السّعيدْ
إذا طأطأ الذّلُّ مِنْ ناظِرَيْهِ
وكَلَلَ مِنْ طَرْفِ بَازٍ حَديدْ
وَمَدّ الهَوَانُ عَلى شَخْصِهِ
حَوَاشي ثيابٍ، منَ الذّلّ، سُودْ
وَحَلّ لَهُ عَقْدَ أمْرٍ وَثيقٍ،
وَهَدّ لَهُ رُكْنَ عِزٍّ شَديدْ
عَلَوْتَ عَلى خَمْسَةٍ أمْجَدينَ
كِرَامُ الفَعالِ، كرَامُ الجدودْ
عَلَوْتَ عَلَيْهِمْ، على أنّهُمْ
صَناديدَ مِنْ حيّ نَبهانَ صِيدْ
هُمْ سادَةٌ غَيرَ أنّ النّجُومَ
لَيسَتْ تُقَاسُ ببَدْرِ السّعُودْ
بَقيتَ لَنا، يا أبَا نَهْشَلٍ،
بَقَاءَ البَقَا، ولُودَ الخُلُودْ