جبال بأرياح المنية تنسف

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

جبالٌ بأرياحِ المنية ِ تنسفُ

​جبالٌ بأرياحِ المنية ِ تنسفُ​ المؤلف صفي الدين الحلي


جبالٌ بأرياحِ المنيةِ تنسفُ،
غدتْ وهي قاعٌ في الوقائعِ صفصفُ
محتها رياحٌ للمنونِ عواصفٌ،
على أنها لا تتقَى حينَ تعصفُ
أفي كلّ يومٍ للمنيةِ غارةٌ،
تغيرُ على سربِ النفوسِ فتخطفُ
كأنّ حبالَ الساحرينَ نفوسنا،
وتلكَ عصا موسَى لها تَتَلَقّفُ
أغارتْ على الأقيالِ من آلِ سنبسٍ،
فأصبَحَ فيهمْ صرفُها يتَصَرّفُ
رجالٌ، لو أنّ الأسدَ تخشَى ديارُهم
لكنتُ عليها منهمُ أتَخَوّفُ
شموسٌ أرانا الموتُ في التُّرب كسفَها،
وما خلتُ أن الشمس في التربِ تكسفُ
أتاها، فلَم تُدفع من السّيفِ وقعَةٌ،
ولم يغنِ منهُ السابريُّ المضففُ
ولا الخَيلُ تَجري بينَ آذانِها القَنا،
تُقَرَّطُ من خُرصانِهِ وتُشَنَّفُ
ولا ردّ عن نفسِ ابنِ حمزة جاشُها
ولا الجيشُ من أمواجِهِ الأرضُ ترجُفُ
ولا صارمٌ ماضي الغرارِ بكفةِ،
مَضارِبُهُ في الرّوعِ بالدّمِ تَرعَفُ
عروفٌ بأحوالِ الضّرابِ تؤمهُ
عزيمَهُ شَهمٍ منهُ بالضّربِ أعرَفُ
ألا في سبيلِ المجدِ مصرعُ ماجدٍ
ثِمارُ الأماني مِن أيادِيهِ تُقطَفُ
إذا ما أرادَ الضدُّ غايةَ ذمهِ
تَوصّل حتى قال: في الجودِ مُسرفُ
تصَدّعَ قلبُ البرقِ يومَ مُصابِهِ،
ألَستَ تَراهُ خافِقاً حينَ يَخطَفُ
وما زالَ بدرُ التمّ يلطمُ وجههُ
على فَقدِهِ حتى اغتَدَى، وهوَ أكلفُ
فيا هالكاً قد أطمعَ الخطبَ هلكهُ،
وكانَ بهِ طرفُ النوائبِ يطرفُ
لقد كنتَ حصناً مانعاً بكَ نلتجي
حذارَ العِدى، واليومَ باسمِكَ نحلفُ
فإن كنتَ في أيامِ عيشكَ كعبةً
يلاذُ به، فاليومَ ذكرُك مصحفُ
فبعدَكَ لا شَملُ اللُّهَى مَتفَرّقٌ،
بجُودٍ، ولا شَملُ العُلى مُتألّفُ
سأبكيكَ بالعزّ الذي كنتَ ملبسي،
وكنتُ بهِ بينَ الوَرَى أتَصرفُ
وأنزفُ من حزني دمي لا مدامعي،
وأيُّ دمٍ أبقيتَ فيّ فينزفُ
سقَى اللَّهُ تُرباً ضَمّ جِسمَكَ وابِلاً
يُنَمّقُ رَوضاً بَردُهُ ويُفَوِّفُ
إذا أنكَرَتْ أيدي البِلى عَرَصاتِه،
يَنمّ على أرجائِهِ، فيُعَرِّفُ