جامع بيان العلم وفضله/باب نكتة يستدل بها على استعمال عموم الخطاب في السنن والكتاب
- باب نكتة يستدل بها على استعمال عموم الخطاب في السنن والكتاب
وعلى إباحة ترك ظاهر العموم للإعتبار بالأصول أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد الوراق ببغداد قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا أبو بكر الأثرم قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد الغزيز بن محمد بن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال خرج رسول الله ﷺ على أبي كعب وهو يصلي فقال رسول الله ﷺ يا أبي فالتفت إليه ولم يجبه وصلى فخفف ثم انصرف إلى رسول الله ﷺ يا أبي ما منعك أن تجيبني إذا دعوتك فقال يارسول الله كنت أصلي قال أفم تجد فيما أوحى إلي أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى يا رسول الله ولا أعود إن شاء الله أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي فمر بي النبي ﷺ ثم ذكر نحو هذه القصة المروية في أبي وروي عن ابن مسعود أنه جاء يوم الجمعة والنبي ﷺ يخطب فسمعه يقول اجلسوا فجلس بباب مسجد فرآه النبي ﷺ فقال له تعالى يا عبد الله بن مسعود ذكره أبو داود في كتاب الجمعة من السنن وسمع عبد الله بن رواحة وهو بالطريق رسول الله ﷺ وهو يقول اجلسوا فجلس في الطريق فمر به رسول الله ﷺ فقال ما شأنك فقال سمعتك تقول اجلسوا فجلست فقال له النبي ﷺ زادك الله طاعة ويدخل في هذا الباب قول عثمان بن مظعون للبيد بن ربيعة حين سمعه ينشد في المسجد الحرام ألا كل شيء ما خلا الله باطل فقال عثمان صدقت فقال لبيد وكل نعيم لا محالة زائل فقال كذبت وإنما صدقه في الأولى لأنه عموم لا يلحقة خصوص وكذبه في الثانية لأن نعيم الجنة دائم لا يزول وكان لبيد حينئذ كافرا وهذا الباب كثير جدا لا سبيل إلى تقصيه لكثرته أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري قال حدثنا عبد الله بن محمد بن اسماعيل قال حدثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ يوم الأحزاب لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة فادركهم وقت العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي ولم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي ﷺ فلم يعنف واحدة من الطائفتين قال أبو عمر هذه سبيل الاجتهاد على الأصول عند جماعة الفقهاء ولذلك لا يردون ما اجتهد فيه القاضي وقضى به إذا لم يرد إلا إلى اجتهاد مثله وأما من أخطأ منصوصا فقوله وفعله عندهم مردود إذا ثبت الأصل فافهم باب مختصر في اثبات المقايسة في الفقه قد تقدم ذكر اجتهاد الرأي وذكرنا في ذلك الباب حديث معاذ وغيره وهو الحجة في اثبات القياس عند جميع الفقهاء القائلين به وقال الله تبارك وتعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وهذا تمثيل الشيء بعدله ومثله وشبهه ونظيره وهو نفس القياس عند الفقهاء وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال له رجل في حديث أي ذر وغيره يا رسول الله في حديث ذكروه أيقضي أحدنا شهوته ويؤجر قال أرأيت لو وضعها في حرام أكان يأثم قال نعم قال فكذلك يوجر أفتجزون بالشر ولا تجزون بالخير ومن هذا الباب حديث أبي هريرة أن رجلا من فزارة جاء إلى رسول الله ﷺ فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود الحديث لأنه بين له فيه أن الحمر من الأبل قد تنتج الأورق إذا نزعه عرق فكذلك المرأة البيضاء تلد الأسود إذا نزعه عرق وقال ﷺ لعمر حين سأله عن قبلة الصائم امرأته أرأيت لو تمضمض بماء ومجه وهو صائم فقال عمر لا بأس قال فكذلك هذا وفي حديث الخثعمية في الحج عن أبيها أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ذلك ينفعه قالت نعم قال فدين الله أحق وقال ﷺ محرم الحلال كمستحل الحرام وقال يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وفي كتاب عمر إلى أبي موسى وإلا أعرف الأشباه والامثال وقس الأمور وقايس زيد بن ثابت علي بن أبي طالب في المكاتب وقايسه أيضا في الجد واتفقا في أنه لا يحجب الأخوة فقاسه على وشبهه بسيل انشعبت منه شعبة ثم انشعبت من الشعبة شعبتان وقاسه زيد على شجرة انشعبت منها غصن وانشعب من الغصن غصنان لأن قولهما في الجد واحد في أنه يشارك الأخوة ولا يحجبهم وقاس ابن عباس الأضراس بالأصابع وقال عقلهما سواء اعتبرها بها وقال الشعبي أنا نأخذ في زكاة البقر فيما زاد على الأربعين بالمقاييس وقال ابراهيم النخعي ما كل شيء نسأل عنه نحفظه ولكنا نعرف الشيء بالشيء ونقيس الشيء بالشيء وفي رواية أخرى قيل له أكل ما يفتي به الناس سمعته قال لا ولكن بعضه سمعت وقست مالم أسمع على ما سمعت وعن ابراهيم ايضا أنه قال إني لا سمع الحديث فاقيس عليه مائة شيء وقال المزني الفقهاء من عصر رسول الله ﷺ إلى يومنا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جمع الأحكام في أمر دينهم قال وأجمعوا أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل قال فلا يجوز لأحد انكار القياس لأنه التشبيه بالأمور والتمثيل عليها قال أبو عمر ومن القياس المجمع عليه صيد ما عدا الكلاب من الجوارح قياسا على الكلاب لقوله وما علمتم من الجوارح مكلبين وقال جل وعز والذين يرمون المحصنات فدخل في ذلك المحصنون قياسا وكذلك قوله في الأماء فإذا أخصن فدخل في ذلك العبيد قياسا عند الجمهور إلا من شذ ممن لا يكاد يعد خلافا وقال في جزاء الصيدالمقتول في الحرم ومن قتله منكم متعمدا فدخل فيه قتل الخطأ قياسا عند الجمهور إلا من شذ وقال يا أيها الدين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهم من عدة تعتدونها فدخل في ذلك الكتابيات قياسا فكل من تزوج كتابية وطلقها قبل المسيس لم يكن عليها عدة والخطاب قد ورد بالمؤمنات وقال في الشهادة في المداينات فإن لم يكونا رجلين فرجل وامراتان فدخل فمعنى قوله إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى قياسا المواريث الودائع والغصوب وسائلا الأموال وأجمعوا على توريث البنتين الثلثين قياسا على الأختين وهذا كثير جدا يطول الكتاب بذكره وقال فيمن أعسر بما بقى عليه من الربا وإن كان ذو عسرةفنظرة إلى ميسرة فدخل في ذلك معسر بدين حلال وثبت ذلك قياسا والله أعلم ومن هذا الباب توريث الذكر ضعف ميراث الأنثى منفردا وإنما ورد النص في اجتماعهما بقوله يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الاثنين وقال وإن كانوا اخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الانثيين ومن هذا الباب أيضا قياس التظاهر بالبنت على التظاهر بالأم وقياس الرقبة في الظهار على الرقبة في القتل بشرط الإيمان وقياس تحريم الاختين وسائر القرابات من الأماء على الحرائر في الجمع في التسري النكاح وهذا لو تقصيناه لطال به الكتاب والله الموفق للصواب وقال أبو محمد اليزيدي في القياس وذلك فيما حدث به شيخنا ابو الأصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان قال حدثنا أبو الحسن ابن مقسم قال حدثنا أبو الحسين بن المنادى قال أنشدني أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن محمد بن علي ابن عبد العزيز العمري الموصلي خال أبي علي البياض الهاشمي قال أنشدت لابي محمد اليزيدي في قوله في القياس ما جهول لعالم بمداني لا ولا الغي كائن كالبيان فإذا ما عميت فائل تخبر إن بعض الأخبار مثل العيان ثم قس بعض ما سمعت ببعض وائت فيما تقول بالبرهان لا تكن كالحمار يحمل أسفارا كما قد قرأت في القرآن إن هذا القياس في كل أمر عند أهل العقول كالميزان لا يجوز القياس في الدين إلا لفقيه لدينه صوان ليس يغني عن جاهل قول مفت عن فلان وقوله عن فلان إن أتاه مسترشدا أفتاه بحديثين فيهما معنيان إن من يحمل الحديث ولا يعرف فيه التأويل كالصيدلاني حين يلقي لديه كل دواء وهو بالطب جاهل غير وان حكم الله في الجزاء ذوي عدل من الصيد بالذي يريان لم يوقت ولم يسم ولكن قال فيه فليحكم العدلان ولنا في النبي صلى عليه الله والصالحون كل أوان أسوة في مقالة لمعاذ أقضى بالراي أن أتى الخصمان وكتاب الفاروق يرحمه الله إلى الأشعري في تبيان قس إذا أشكلت عليك أمور ثم قل الصواب للرحمن وقال أبو عمر القياس والتشبيه والتمثيل من لغة العرب الفصيحة التي نزل بها القرآن ألا ترى إلى قوله تعالى كأنهن الياقوت والمرجان وقوله كأن لم تغن بالأمس وقوله جل وعز مثل نوره يعني في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح وقوله عز وجل كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار وقوله فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور وقوله وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج وما كان مثله من ضربه جل وعز الأمثال للاعتبار وحكمه للنظير يحكم النظير ومثله كثير والمعنى في ذلك كله وما كان مثله الاشتباه في بعض المعاني وهو الوجه الذي جرى الحكم لأن الاشتباه لو وقع في جميع الجهات كان ذلك الشيء بعينه ولم يوجد تغاير أبدا أن النشور ليس كإحياء الأرض بعد موتها إلا من جهة واحدة وهي التي جرى إليها الحكم المراد وكذلك الجزاء بالمثل من النعم لا يشبه الصيد من كل جهة وكذلك قول الله في الكفار كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة و إن هم إلا كالأنعام وقع التشبيه من جهة عمي القلوب والجهل ومثل هذا كثير روى الخشني عن عن ابن عمر عن سفيان بن عيينة قال قال ابن شبرمة احكم بما في كتاب الله مقتديا وبالنظائر فاحم بالمقاييس وأنشد أبو عبيدة معمر بن المثنى لقس بن ساعدة وأنشدها غيره للاقيس الأشعري والقول قول أبي عبيدة يا أيها السائل عما مضى من علم هذا الزمن الذاهب إن كنت تبغي العلم أو نحوه في شاهد يخبر عن غائب فاعتبر الشيء باشباهه واعتبر الصاحب الصاحب وقال منصور تأن في الأمر إذا رمته تبين الرشد من الغي لا تتبعن كل نار ترى فالنار قد توقد للكي وقس علي الشي باشكاله يدلك الشيء على الشيء وقال غيره إذا أعيا الفقيه وجود نص تعلق لا محالة بالقياس