تفضيل أمير المؤمنين(ع)

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


بسم الله الرحمن الرحيم [مقدمة التحقيق] بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الذي أوضح لنا سبل الهدى و اليقين، و أوجب علينا التمسّك بشرعة الحقّ المبين، و أفضل الصلاة و أتمّ التسليم على محمّد الأمين، خير الورى و سيّد الأنبياء و المرسلين، و على آله الهداة الميامين، سيّما ابن عمّه و خليفته المخصوص بالفضل و المرتضى على جميع الأوصياء المرضيّين، و على صحبهم المتّقين، و التابعين لهم باحسان إلى يوم الدين.

عزيزي القارئ: الرسالة التي بين يديك تعدّ واحدة من نفائس ما كتبه الشيخ العلم المتكلّم محمّد بن محمّد بن النّعمان الحارثي العكبري، المعروف بالشيخ المفيد، بأسلوبه المتميّز الذي قلّ نظيره بين أساليب الكلام المعهودة في عصره، حيث امتاز بجودة العبارة و حسن الأداء و سهولة التناول و بلوغ الحجّة، و براعة متناهية في إخضاع الخصم و الوصول إلى الغرض بتوظيف الرواية و تطبيق أصول الكلام.

و تشتمل هذه الرسالة على توطئة سبعة فصول، ضمّنها المؤلّف الاستدلال على تفضيل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) على الخلق كافّة إلّا خاتم

٤ الأنبياء (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لما اختصّ به الرسول الأكرم من الوحي و الرسالة و النبوّة و غيرها.

و هذا البحث مثار للجدل، و خطير عند أولي الرأي و النظر، و لأهمّيته و خطورته نرى- كثيرا من العلماء قد تصدّى له، فكان أن ألّفوا فيه الرسائل و الكتب، فنرى من المناسب ذكر أسماء المصنّفات التي كتبت في تفضيل النبيّ المختار و آله الأطهار (عليهم السلام) على سائر الخلق، لتتمّ بها الفائدة، و لنتعرّف على موقع هذه الرسالة بين المصنّفات الأخرى التي تناولت نفس الموضوع؛ و ضمن المتاح لنا من المصادر استطعنا الوقوف على ما يلي:

١- التفضيل- لأبي طالب عبيد اللّه بن أبي زيد أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري، المتوفّى سنة ٣٥٦ ه، ذكره النجاشيّ في كتابه (١).

٢- التفضيل- لفارس بن حاتم بن ماهويه القزوينيّ، ذكره النجاشيّ أيضا (٢).

٣- تفضيل الأئمّة (عليهم السلام) على الأنبياء- للحسن بن سليمان بن خالد الحلّي صاحب مختصر بصائر الدرجات، نقل عنه العلّامة المجلسي. في (بحار الأنوار) (٣).

قال الميرزا عبد اللّه أفندي الأصبهاني: ناقش فيها- أي في هذه الرسالة- مع الشيخ: المفيد في كلامه في كتاب (أوائل المقالات) و كلام الشيخ الطوسيّ في (المسائل الحائرية) و هذه الرسالة عندنا نسخة (٤).

٤- تفضيل الأئمّة (عليهم السلام) على الأنبياء الذين كانوا قبل جدّهم النبيّ

____________

(١) رجال النجاشيّ: ٢٣٣/ ٦١٧.

(٢) رجال النجاشيّ: ٣١٠/ ٨٤٨.

(٣) بحار الأنوار ٢٦: ٣٠٩/ ٧٧.

(٤) تعليقة أمل الآمل: ١١٦.

٥ الخاتم (صلوات اللّه عليه و على آله) الذي هو أشرف الخلائق و أفضلهم- للسيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة ١١٠٧ ه (٥).

٥- تفضيل الأئمّة (عليهم السلام) على غير جدّهم من الأنبياء (عليهم السلام)- للمولى محمّد كاظم بن محمّد شفيع الهزار جريبي الحائري صاحب كتاب (البراهين الجليّة) المتوفّى سنة ١٢٣٢ ه (٦).

٦- تفضيل الأئمّة (عليهم السلام) على الملائكة- للشيخ المفيد، ذكره.

النجاشيّ في كتابه (٧) و صاحب إيضاح المكنون (٨).

٧- تفضيل الأئمّة (عليهم السلام) على الملائكة- للشيخ ميرزا يحيى بن محمّد شفيع الأصفهاني، صاحب كتاب (تعيين الثقل الأكبر) و المتوفّى سنة ١٣٢٥ ه (٩).

٨- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام)- للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكيّ، المتوفّى سنة ٤٤٩ ه، مطبوع (١٠).

٩- تفضيل عليّ (عليه السلام)- لأبي الحسن عليّ بن عيسى بن علي بن عبد اللّه الرّمّاني، الأديب النحوي المعتزلي، المتوفّى سنة ٣٨٤ ه، ترجم له القفطي في (إنباه الرواة) و عدّد كتبه الكلامية و الأدبية الكثيرة، و عدّ منها هذا الكتاب (١١).

١٠- تفضيل عليّ (عليه السلام) على أولي العزم من الرسل- للعلامة السيّد هاشم البحرانيّ، المتوفّى سنة ١١٠٧ ه، و هو غير المتقدّم في رقم (٤) (١٢).

____________

(٥) الذريعة ٤: ٣٥٨.

(٦) الذريعة ٤: ٣٥٨.

(٧) رجال النجاشيّ: ٤٠١/ ١٠٦٧.

(٨) إيضاح المكنون ١: ٣١١.

(٩) الذريعة ٤: ٣٥٨.

(١٠) الذريعة ٤: ٣٥٩.

(١١) أهل البيت في المكتبة العربية- تراثنا ٣: ٤٠.

(١٢) الذريعة ٤: ٣٦٠.

٦ ١١- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على غير النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، و تفضيل أولاده على أولاد الشيخين- للسيّد محمّد بن العلّامة السيّد دلدار علي النقوي اللكهنوي، المتوفّى سنة ١٢٨٤ ه، ألّفه ردّا على بعض العامّة المعاصرين له (١٣).

١٢- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على من عدا خاتم النبيّين (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)- للعلامة محمّد باقر المجلسي، المتوفّى سنة ١١١١ ه، حكى عنه الشيخ سليمان بن عليّ بن سليمان في كتابه (عقد اللآل في فضائل النبيّ و الآل (عليهم السلام)) (١٤).

١٣- تفضيل نبيّنا محمّد و آله الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) على جميع الأنبياء و المرسلين- للشيخ محمّد بن عبد عليّ بن محمّد بن أحمد آل عبد الجبار القطيفي (١٥).

١٤- تفضيل النبيّ و آله الطاهرين (عليهم السلام) على الملائكة المقرّبين- للمولى محمّد مسيح بن إسماعيل الفسوي، المتوفّى سنة ١١٢٧ ه، تعرّض فيه لقول الفخر الرازيّ: إن الملك أفضل من البشر. ثمّ وجّه كلامه بعدم إرادته العموم حيث إنّ دليله خاصّ بغير النبيّ و الآل (عليهم السلام) (١٦).

١٥- الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة (عليهم السلام)- للسيّد الشريف المرتضى علم الهدى أبي القاسم عليّ بن الحسين الموسوي، المتوفّى سنة ٤٣٦ ه، أثبت فيها تقديم الأئمّة (عليهم السلام) و تفضيلهم على جميع الخلائق عدا جدّهم خاتم الأنبياء (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، و الرسالة مطبوعة ضمن (رسائل الشريف

____________

(١٣) الذريعة ٤: ٣٥٩.

(١٤) الذريعة ٤: ٣٥٨.

(١٥) الذريعة ٤: ٣٦٠.

(١٦) الذريعة ٤: ٣٦١.

٧ المرتضى) (١٧).

١٦- منهاج الحقّ و اليقين في تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الأنبياء و المرسلين (عليهم السلام)- للسيّد ولي بن نعمة اللّه الحسيني الرضوي الحائري، المعاصر لوالد الشيخ البهائي العاملي، جمع فيه الأدلّة و البراهين على تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) من كتب الفريقين و رتّبه على عدّة مطالب (١٨).

١٧- المنهج القويم في تفضيل الصراط المستقيم عليّ (عليه السلام) على سائر الأنبياء و المرسلين سوى نبيّنا (صلّى اللّه عليه و آله) و سلم ذي الفضل العميم- للشيخ مهذّب الدين أحمد، من أفاضل تلامذة الحرّ العامليّ، المتوفّى سنة ١١٠٤ ه، صاحب كتاب (فائق المقال في الحديث و الرجال) و يبدو من مقدّمة هذا الكتاب أنّه استدراك لما فات السيّد ولي بن نعمة اللّه- في كتابه المتقدّم (منهاج الحقّ و اليقين)- من الأدلّة و البراهين (١٩).

عنوان الرسالة: وقعت هذه الرسالة تحت عناوين مختلفة، يمكن حصرها بما يلي:

١- تفضيل عليّ (عليه السلام) على الأمّة. كذا عنونت النسخة المودعة منها في مكتبة السيّد المرعشيّ (رحمه اللّه)، المرقمة (١٤) ضمن المجموعة (٢٤٣) (٢٠)، و كذا في النسخة المرقّمة (١٩) ضمن المجموعة (٢٥٥) (٢١) وفقا لما جاء في فهرس المكتبة.

٢- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الأمّة. كذا عنونت في نسخة «أ» من المكتبة المذكورة أعلاه، و هي من النسخ المعتمدة في تحقيقنا هذا،

____________

(١٧) رسائل الشريف المرتضى- المجموعة الثانية: ٢٥١- ٢٥٧.

(١٨) الذريعة ٢٣: ١٥٩.

(١٩) الذريعة ٢٣: ١٩٧.

(٢٠) فهرس مكتبة السيّد المرعشيّ ١: ٢٦٩.

(٢١) فهرس مكتبة السيّد المرعشيّ ١: ٢٨٦.

٨ و سيأتي وصفها في منهج التحقيق.

٣- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر البشر. كذا عنونت في نسخة بدل من نسخة «أ» المذكورة آنفا.

٤- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الأصحاب. كذا عنونت في (الذريعة) (٢٢).

٥- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الصحابة. كذا عنونت في (أعيان الشيعة) (٢٣).

٦- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر أصحابه. كذا عنونت في (رجال النجاشيّ) (٢٤).

٧- تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على جميع الأنبياء غير محمّد (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم). كذا عنونت في نسخة «ج» و هي الرسالة المطبوعة و المعتمدة في تحقيقنا هذا أيضا على ما يأتي لا حقا.

و إذا أنعمنا النظر في هذه الرسالة نجد أنّ أيّا من هذه العناوين- باستثناء الأخير منها- لا يشكّل عنوانا جامعا مانعا لمضامينها، و لا شاملا لمحتواها، إذ المصنّف يحكم فيها بتفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الملائكة و البشر بما فيهم الأنبياء إلّا الرسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، و الملاحظ أنّ كلّ واحد من العناوين الستّة الأولى يخرج قسما ممّا حكم به المؤلّف أو أكثر، فالتّفضيل على الأمّة و الصحابة يخرج تفضيله على الملائكة و الأنبياء (عليهم السلام)، و التفضيل على البشر يخرج تفضيله على الملائكة، و هكذا.

أمّا العنوان الأخير فإنّه يبدو جامعا لكلّ ما قضى به المؤلّف في التفضيل؛ لأنّ تفضيله على الأنبياء غير الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) يقتضي تفضيله على

____________

(٢٢) الذريعة ٤: ٣٥٨/ ١٥٦١.

(٢٣) أعيان الشيعة ٩: ٤٢٣.

(٢٤) رجال النجاشيّ: ٤٠١/ ١٠٦٧.

٩ الصحابة و الأمّة و البشر و الملائكة، و أخرج العنوان الرسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، و هو مقتضى مراد المؤلّف.

و يظهر لنا من تعدّد العناوين لهذه الرسالة أنّ المؤلّف وضع العنوان مطلقا دون زيادة أو قيد، أي تحت عنوان (تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام))، و كلّ من اطّلع على هذه الرسالة بعد المؤلّف زاد على عنوانها شيئا أو قيّده بقيد حسب ما استفاده من بعض عبارات المصنّف فيها؛ فالتفضيل على الصحابة أو على أصحابه جاء من قول المؤلّف في أول الرسالة: «اختلفت الشيعة في هذه المسألة، فقالت الجارودية: إنّه (عليه السلام) كان أفضل من كافّة الصحابة».

و التفضيل على البشر جاء من قوله فيها: «و قال جمهور من أهل الآثار منهم و النقل و الفقه بالروايات و طبقة من المتكلّمين منهم و أصحاب الحجاج: إنّه (عليه السلام) أفضل من كافّة البشر سوى رسول اللّه محمّد بن عبد اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، فإنّه أفضل منه».

و التفضيل على الأنبياء سوى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لقوله فيها: «و قضينا بأنّه أفضل من جميع الملائكة و الأنبياء و من دونهم من عالم الأنام».

من جملة ما ذكرناه نستنتج أنّ العنوان الأخير هو أصلح العناوين السبعة المذكورة، إلّا أنّه لا يوجد ما يؤيّده غير الطبعة القديمة لهذه الرسالة، كما لم يرد في فهارس مؤلّفي الكتب سيّما كتاب النجاشيّ ما يؤيّد ذلك على ما مرّ بنا، و لهذا يظهر أنّ هذا العنوان موضوع بعد زمان المؤلّف، و قد اخترنا إطلاق العنوان، أي دون قيد أو زيادة، لأنّه القاسم المشترك بين العناوين السبعة، ممّا يجعله أدعى لاطمئنان النفس، و اللّه المسدّد للصواب.

١٠ منهج التحقيق ١- النسخ المعتمدة: أ: النسخة المودعة في مكتبة السيّد المرعشيّ (رحمه اللّه) برقم (٤) ضمن المجموعة (١١٦١)، مكتوبة في سنة ١١٥٤ ه، و رمزها «أ».

ب: النسخة المودعة في نفس المكتبة أعلاه برقم (١٣) ضمن المجموعة (٧٨)، مكتوبة في القرن الثالث عشر، و رمزها «ب».

ج: المطبوع في النجف الأشرف ضمن مجموعة رسائل للشيخ المفيد، أوفست مكتبة المفيد- قم المقدّسة و رمزه «ج».

٢- علمنا في الرسالة: أ: مقابلة الرسالة المطبوعة مع النسختين المخطوطتين، و الملاحظ أنّ الرسالة المطبوعة كثيرة التصحيف و الغلط، و يلاحظ أيضا اتفاق النسختين المخطوطتين في أكثر الموارد.

ب: تخريج الأحاديث و الآثار التي أوردها المصنّف من مصادر الفريقين المعتبرة.

ج: تقويم النصّ بتخليصه ممّا ورد فيه من تصحيف و تحريف، و إثبات ما رأيناه صحيحا من النسخ المعتمدة في المتن، مع الإشارة لاختلاف النسخ في الهامش، على أنّا قد أهملنا الإشارة لبعض الاختلافات التي لا تؤدّي معنى.

د: إضافة عناوين تكشف عن مضامين الرسالة المختلفة و حصرها بين معقوفتين.

١١ نسأل اللّه العليّ القدير أن يمنّ على العاملين في سبيل إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام) بالموفقية و السداد.

و آخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين.

علي موسى الكعبي

قم المشرّفة- ١٥ شعبان ١٤١٢ ه

١٢ {*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}

١٣ {*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}

١٤ {*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}

١٥ {*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}

١٦ {*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}

١٧ {*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}

١٨ بيان أقوال الشيعة في المسألة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) قال الشيخ المفيد رضي الله عنه اختلفت الشيعة في هذه المسألة فقالت الجاروديّة (٢) إنه كان ع أفضل من كافّة الصحابة فأما غيرهم فلا يُقطَع على فضله على كافّتهم (٣) و بدّعوا مَن سوّى (٤) بينه

____________

(١) زاد في «أ»: و به نستعين، و في «ب»: ربّ يسّر.

(٢) الجاروديّة: فرقة من الزيديّة، منسوبة إلى ابي الجارود زياد بن المنذر، المتوفّى نحو ١٥٠ ه، قالوا بتفضيل عليّ (عليه السلام)، و قالوا: لم يصل أحد من الصحابة إلى مقامه، و إنّ من دفعه عن هذا المقام فهو كافر، و إنّ الأمّة كفرت و ضلّت في تركها بيعته، ثمّ جعلوا الإمامة بعده في الحسن ثمّ الحسين (عليهما السلام)، ثمّ هي شورى بين أولادهما، فمن خرج و شهر سيفه فهو مستحقّ للإمامة.

المقالات و الفرق: ١٨، الملل و النحل ١: ١٤٠، الفرق بين الفرق: ٣٠، مقالات الإسلاميّين ١: ٢٥٩.

(٣) في «ب»: كافهم.

(٤) في «أ» و «ب»: و ندعوا من سوى، و في «ج»: و يدّعي التسوية، و كلها تصحيف صحيحه ما أثبتناه.

١٩ و بين من سلف أو فضّله (٥) أو شكّ في ذلك و قطعوا على فضل الأنبياء ع كلهم عليه.

و اختلف (٦) أهل الإمامة في هذا الباب.

فقال كثير من متكلِّميهم (٧) إن الأنبياء ع أفضل منه على القطع و الثبات.

و قال جمهور (٨) أهل الآثار منهم (٩) و النقل و الفقه بالروايات و طبقة من المتكلمين منهم (١٠) و أصحاب الحجاج إنه ع أفضل من كافّة البشر سوى رسول الله محمد بن عبد الله ص فإنه أفضل منه.

و وقف منهم نفر (١١) قليل في هذا الباب فقالوا لسنا نعلم أ كان أفضل ممن (١٢) سلف من الأنبياء أو (١٣) كان مساويا لهم أو دونهم فيما يستحق به الثواب فأما رسول الله ص محمد بن عبد الله فكان أفضل منه على (١٤) غير ارتياب.

و قال فريق آخر منهم (١٥) إن أمير المؤمنين ص أفضل البشر سوى أولي العزم من الرسل فإنهم أفضل منه عند الله (١٦)

____________

(٥) في «ج»: أفضل.

(٦) في «أ» و «ب»: اختلفت.

(٧) في «أ» و «ب» و «ج»: متعلّميهم، تصحيف صحيحه ما أثبتناه.

(٨) زاد في «ج»: من.

(٩ و ١٠): (منهم) ليس في «ج».

(١١) (منهم نفر): ليس في «ج».

(١٢) في «أ» و «ب»: من.

(١٣) في «ج»: أم.

(١٤) في «ج»: من.

(١٥) في «أ» و «ب»: منهم آخر.

(١٦) انظر تفصيل أقوال الفرق و المذاهب في هذه المسألة في الفصول المختارة: ٦٧- ٦٨.

٢٠ فصل الاستدلال بآية المباهلة على تفضيل الإمام علي ع على من سوى الرسول ص فاستدل من حكم لأمير المؤمنين ص بأنه أفضل من سالف (١٧) الأنبياء ع و كافّة (١٨) الناس سوى نبي الهدى محمد ع بأن قال قد ثبت أن رسول الله ص أفضل من كافّة البشر بدلائل يسلّمها كلّ الخصوم (١٩)-

وَ قَوْلُهُ ص

أَنَا سَيِّدُ الْبَشَرِ

(٢٠) وَ قَوْلُهُ

أَنَا

(٢١) سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ لَا فَخْرَ

(٢٢) .

____________

(١٧) في «أ» و «ب»: سالفي.

(١٨) في «أ» و «ب»: فكافّة.

(١٩) في «أ و ب»: نسلّمها أكمن الخصوم، و في «ج»: تسلّمها أكثر من الحصر، و وضع في «أ» على «أكمن» ضبّة للدلالة على تمريضها.

(٢٠) صحيح البخاريّ ٦: ٢٢٣، مستدرك الحاكم ٤: ٥٧٣، مجمع الزوائد ٩: ١١٦، شرح الأخبار: ١٩٥/ ١٥٦، و يأتي مزيد من المصادر في الهامش (٨٨).

(٢١) في «ب»: و قوله له.

(٢٢) صحيح مسلم ٤: ١٧٨٢/ ٢٢٧٨، سنن الترمذي ٥: ٥٨٧/ ٣٦١٥، مسند أحمد ١:

٥ و ٢٨١ و ٢٩٥، مستدرك الحاكم ٣: ١٢٤، التاريخ الكبير للبخاري ٧:

٤٠٠/ ١٧٤٨، مصابيح السنّة ٤: ٣٢/ ٤٤٦٢، الفردوس ١: ٤٣/ ١٠٤، الشفا ٢:

٣٢٥، تهذيب تاريخ دمشق ٧: ٢٤٠، مجمع الزوائد ١٠: ٣٧٦، لسان الميزان ٤:

٢٩٠/ ٨٢٦، كنز العمّال ١١: ٤٣٤/ ٣٢٠٤٠.

٢١ و إذا ثبت أنه ع أفضل البشر وجب أن يليه أمير المؤمنين ص في الفضل (٢٣) بدلالته على ذلك و ما أقامه عليه من البرهان (٢٤).

فمن ذلك

١٤ أنه ص

(٢٥) لما دعا نصارى نَجْران إلى المُباهلة ليوضّح عن حقّه و يبرهن عن ثبوت نبوّته و يدل على عنادهم في مخالفتهم له

(٢٦) بعد الذي أقامه من الحُجَّة عليهم جعل عليّا ع في مرتبته و حكم

(٢٧) بأنه عِدْله و قضى له بأنّه نفسه و لم يحططه عن مرتبته في الفضل و ساوى بينه و بينه فقال مخبراً عن ربّه عز و جل بما حكم به من

(٢٨) ذلك و شهد و قضى و وكّد-

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٢٩) .

فدعا الحسن و الحسين ع للمباهلة فكانا ابنَيْه في

(٣٠) ظاهر اللفظ و دعا فاطمة س و كانت المعبر عنها بنسائه و دعا أمير المؤمنين ع فكان المحكوم له بأنه نفسه-

(٣١) .

____________

(٢٣) في «ج»: بالفضل.

(٢٤) في «ج»: و ما قام عليه البرهان.

(٢٥) زاد في «أ» و «ب»: أنّه.

(٢٦) في «أ» و «ب»: مخالفته.

(٢٧) في «أ» و «ب»: في ميراثه و حكم، و في «ج»: في مرتبة الحكم، تصحيف صحيحه ما أثبتناه.

(٢٨) في «أ» و «ب»: في.

(٢٩) سورة آل عمران ٣: ٦١.

(٣٠) في «أ» و «ب»: من.

(٣١) صحيح مسلم ٤: ١٨٧١/ ٣٢، سنن الترمذي ٥: ٦٣٨/ ٣٧٢٤، مسند أحمد ١:-

٢٢ و قد علمنا أنه لم يُرد بالنفس ما به قوام الجسد من الدم السائل و الهواء و نحوه و لم يُرد نفس ذاته إذ (٣٢) كان لا يصح دعاء الإنسان (٣٣) نفسه إلى نفسه و لا إلى غيره فلم يبق إلا أنه أراد ع بالعبارة عن النفس إفادة العِدْل و المِثْل و النظير و من يحل منه في العز و الإكرام و المودة و الصيانة و الإيثار و الإعظام و الإجلال محل ذاته عند الله سبحانه (٣٤) فيما فرض عليه من الاعتقاد بها و ألزمه العباد (٣٥).

و لو لم يدلّ من خارج دليل (٣٦) على أن النبي ص

____________

- ١٨٥، مستدرك الحاكم ٣: ١٥٠، جامع الأصول ٩: ٤٦٩/ ٦٤٧٩، أسباب النزول للواحدي: ٦٠، تفسير الطبريّ ٣: ٢١٢، تفسير ابن كثير ١: ٣٧٨، مصابيح السنة ٢: ١٨٣/ ٤٧٩٥، الإصابة ٢: ٥٠٩، الرياض النضرة ٢: ١٥٢، ذخائر العقبى:

٢٥، الصواعق المحرقة: ١٥٥، فتح القدير ١: ٣٤٧، شواهد التنزيل ١: ١٢٠- ١٢٩، الدّر المنثور ٢: ٢٣١، مناقب ابن المغازلي: ٢٦٣/ ٣١٠، تذكرة الخواص:

٤٣، كفاية الطالب: ١٤١، مناقب الخوارزمي: ٥٩، نظم درر السمطين: ١٠٨، تفسير العيّاشيّ ١: ١٧٥، تفسير فرات: ١٥، تفسير الحبري: ٢٤٧، سعد السعود:

٩١، أمالي الطوسيّ ١: ٣١٣ و ٢: ١٥٩ و ١٧٧، أمالي الصدوق: ٤٢١/ ١، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ١: ٨٤، الاختصاص: ٥٤ و ١١٢، العمدة: ١٨٨- ١٩٢.

(٣٢) في «أ»: إذا.

(٣٣) في «ج»: دعاء الأنبياء.

(٣٤) يدلّ على ذلك أيضا قول الرسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) متوعّدا أهل الطائف مرّة و قريشا أخرى: «لتسلمنّ أو لأبعثنّ رجلا منّي- و في رواية: مثل نفسي- فليضربنّ أعناقكم ...» الاستيعاب ٣: ٤٦، أسد الغابة ٤: ٢٦، شرح الأخبار ١: ١١١/ ٣٢ و ٣٣، الصواعق المحرقة: ١٢٦.

(٣٥) في «ج»: و أكرم العباد.

(٣٦) في «ج»: من دليل خارج.

٢٣ (٣٧) أفضل من أمير المؤمنين ع لقضى هذا الاعتبار بالتساوي بينهما في الفضل و الرُّتبة و لكن الدليل أخرج ذلك و بقي ما سواه بمقتضاه

____________

(٣٧) زاد في «أ» و «ب»: كان.

٢٤ فصل الاستدلال بجعل الرسول ص حب علي ع حبا له و بغضه بغضا له و حربه حربا له و من ذلك أنه ع جعل أحكام ولائه أحكام ولاء نفسه سواء (٣٨) و حكم عداوته كحكم العداوة له على الانفراد (٣٩) و قضى على محاربه بالقضاء على محاربه (٤٠) ص و لم يجعل بينهما

____________

(٣٨) من ذلك قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «من كنت مولاه فعليّ مولاه» و: «من آمن بي و صدّقني فليتولّ عليّ بن أبي طالب بعدي، فإنّ ولايته ولايتي، و ولايتي ولاية اللّه» انظر:

سنن الترمذي ٥: ٦٣٣/ ٣٧١٣، مسند أحمد ١: ٨٤ و ١١٩ و ١٥٢ و ٣٣١ و ٤: ٢٨١ و ٣٦٨ و ٣٧٢ و ٥: ٣٤٧ و ٣٦٦ و ٤١٩، ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق ١: ٩١.

(٣٩) من ذلك قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) مخاطبا لعلي (عليه السلام): «عدوّك عدوّي، و عدوّي عدوّ اللّه» انظر: مستدرك الحاكم ٣: ١٢٧ و ١٢٨، الرياض النضرة ٣: ١٢٢ و ١٢٤ و ١٦٧، مجمع الزوائد ٩: ١٣٣.

(٤٠) من ذلك قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام):

«أنا حرب لمن حاربتم، و سلم لمن سالمتم» و قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لعليّ (عليه السلام):

«يا علي، حربك حربي، و سلمك سلمي» انظر: سنن الترمذي ٥: ٦٩٩/ ٣٨٧٠، سنن ابن ماجة ١: ٥٢/ ١٤٥، مسند أحمد ٢: ٤٤٢، مستدرك الحاكم ٣: ١٤٩.

٢٥ فصلا (٤١) بحال و كذلك (٤٢) حكم في بغضه و وده (٤٣).

و قد علمنا أنه لم يضع (٤٤) الحكم في ذلك للمحاباة بل وضعه على الاستحقاق و وجوب العدل في القضاء.

و إذا كان الحكم بذلك من حيث وصفناه (٤٥) وجب أن يكون مساويا له في الفضل الذي أوجب له من هذه الخلال (٤٦) و إلا لم يكن له وجه في الفضل (٤٧). و هذا كالأول فيما ذكرناه فوجب التساوي بينهما في كل حال إلا ما

____________

(٤١) في «ب»: فضلا.

(٤٢) في «ج»: و لذلك.

(٤٣) من ذلك قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «ما بال أقوام يبغضون عليا، من أبغض عليا فقد أبغضني، و من فارق عليا فقد فارقني» و: «من أحبّني فليحبّ عليا، و من أبغض عليا فقد أبغضني» و: «من أحبّ عليا فقد أحبّني، و من أبغضه فقد أبغضني» و قوله مخاطبا له (عليهما السلام): «حبيبك حبيبي، و حبيبي حبيب اللّه» و الأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة، انظر: مستدرك الحاكم ٣: ١٢٧/ ١٣٠، أسد الغابة ٤: ٣٨٣، الصواعق المحرقة، ١٢٣، الفردوس ٥: ٣١٦/ ٨٣٠٤، ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق ٢: ١٨٥ و ٢: ١٩٠ و ٢: ٢١٧، الرياض النضرة ٣: ١٢٢ و ١٢٤ و ١٦٧، مجمع الزوائد ٩: ١٣٢- ١٣٣، مناقب ابن المغازلي: ١٠٨/ ١٥١، كنز العمّال ١٢: ٢١٨.

(٤٤) في «ج»: يصنع.

(٤٥) في «ج»: ما وصفناه.

(٤٦) في «ج»: الحال، و في «أ» و «ب»: الجلال، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، و الخلال:

جمع خلّة، الخصلة. إذ المراد أنّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وجب- من خلال الخصال المذكورة أعلاه، و هي حكم الولاء و المحاربة و العداوة و البغض و الودّ- أن يكون مساويا للرسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في الفضل الذي أوجب له منها، لأنّه (صلوات اللّه عليه و على آله) لم يجعل بينهما فصلا، إلّا ما أخرجه الدليل من فضله و قربه الخاصّ و الوحي و الرسالة و النبوّة.

(٤٧) في «ب»: في القضاء.

٢٦ أخرجه الدليل من فضله ص الذي اختص به بأعماله و قربه الخاصّ (٤٨) و لم يسند إليه ما سلّمه و إياه من الأحكام بل أسنده إلى الفضل الذي تساويا فيه ما (٤٩) سوى المخصوص على ما ذكرناه

____________

(٤٨) في «أ»: و «ب»: الخاصّة.

(٤٩) في «ج»: ممّا.

٢٧ فصل الاستدلال بحديث الطائر المشوي و من ذلك

قَوْلُهُ ع الْمَرْوِيُّ عَنِ الْفِئَتَيْنِ الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ

اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ فَجَاءَ عَلِيٌّ ع فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ وَ إِلَيَ

(٥٠) يَعْنِي بِهِ أَحَبَ

(٥١) الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ إِلَيْهِ

. و قد علمنا أن محبَّة الله لخلقه إنما هي ثوابه لهم و تعظيمه إياهم و إكباره و إجلاله لهم و تعظيمهم و أنها لا توضع على التفصيل (٥٢) الذي يشمل (٥٣) الأطفال و البهائم و ذوي العاهات و المجانين لأنه لا يقال إن الله تعالى يحبّ

____________

(٥٠) سنن الترمذي ٥: ٦٣٦/ ٣٧٢١، مستدرك الحاكم ٣: ١٣٠، فضائل الصحابة ٢:

٥٦٠/ ٩٤٥، جامع الأصول ٩: ٤٧١/ ٦٤٨٢، مصابيح السنّة ٤: ١٧٣/ ٤٧٧٠، حلية الأولياء ٦: ٣٣٩، أسد الغابة ٤: ٣٠، الرياض النضرة ٣: ١١٤، ذخائر العقبى: ٦١، البداية و النهاية ٧: ٣٦٣، تاريخ بغداد ٩: ٣٦٩، مجمع الزوائد ٩:

١٢٥، كنز العمّال ١٣: ١٦٧/ ٣٦٥٠٧، كفاية الطالب: ١٤٤، مناقب ابن المغازلي:

١٥٦، مناقب الخوارزمي: ٥٩ و ١٣٠، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي: ٤٦، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٢٨٢، ٣: ٥٩، الطرائف: ٧١، العمدة: ٢٤٢- ٢٥٣، الفصول المختارة: ٦٤- ٦٨.

(٥١) في «أ» و «ب»: و أحبّ.

(٥٢) في «أ» و «ب»: التفضيل.

(٥٣) في «أ»: يشتمل.

٢٨ الأطفال و البهائم فعلم أنها مفيدة (٥٤) الثواب على الاستحقاق و ليست باتفاق الموحدين كمحبّة (٥٥) الطباع بالميل إلى المشتهى و الملذوذ من الأشياء. و إذا ثبت أن أمير المؤمنين ع أحبُّ الخلق إلى الله تعالى فقد وضح أنه أعظمهم ثوابا عند الله و أكرمهم عليه و ذلك لا يكون إلا بكونه أفضلهم عملا و أرضاهم فعلا و أجلّهم في مراتب العابدين.

و عموم اللفظ بأنه أحبّ خلق الله تعالى إليه على الوجه الذي فسرناه و قضينا (٥٦) بأنه أفضل من جميع الملائكة و الأنبياء ع (٥٧) و من دونهم من عالمي (٥٨) الأنام و لو لا أن الدليل أخرج رسول الله ص من هذا (٥٩) العموم لقضى بدخوله فيه (٦٠) ظاهر الكلام لكنه اختص بالخروج منه بما لا يمكن قيامه على سواه و لا (٦١) يسلم لمن ادّعاه

____________

(٥٤) في «ب»: مقيّدة.

(٥٥) في «ب» و «ج»: كمحبته.

(٥٦) كذا، و الظاهر أنّها تصحيف «يقضينا» أو «يفضي بنا إلى أنّه» لتكون خبرا ل «عموم».

(٥٧) في «ج»: جميع البشر الأنبياء و الملائكة.

(٥٨) في «ج»: عالم.

(٥٩) في «أ»: هذه.

(٦٠) في «ج»: فيه بدخول.

(٦١) في «ج»: و لم.

٢٩ فصل الاستدلال بمقام أمير المؤمنين ع في القيامة على أفضليته في الدنيا و من ذلك ما جاءت به الأخبار على التظاهر و الانتشار و نقله رجال الخاصة و العامة على التطابق و الاتفاق عن النبي ص

أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ص يَلِي مَعَهُ الْحَوْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

(٦٢) .

وَ يَحْمِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِوَاءَ الْحَمْدِ إِلَى الْجَنَّةِ

(٦٣) .

وَ أَنَّهُ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ

(٦٤) .

وَ أَنَّهُ يَعْلُو مَعَهُ فِي مَرَاتِبِ الْمِنْبَرِ الْمَنْصُوبِ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمَآبِ فَيَقْعُدُ الرَّسُولُ ص فِي ذِرْوَتِهِ وَ أَعْلَاهُ وَ يَجْلِسُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ

____________

(٦٢) الرياض النضرة ٣: ١٧٣ و ١٨٥، ذخائر العقبى: ٨٦، ٩١، مناقب ابن المغازلي:

١١٩، ٢٣٧، مجمع الزوائد ١٠: ٣٦٧، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٧٢، العمدة:

١١٩، بشارة المصطفى: ٢٠٠.

(٦٣) الرياض النضرة ٣: ١٧٢، ذخائر العقبى: ٧٥، ٨٦، مناقب الخوارزمي: ٢٣ و ٢٠٨، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي: ٤٩، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٦٩.

(٦٤) النهاية للجزري ٤: ٦١، الصواعق المحرقة: ١٢٦، مناقب ابن المغازلي: ٦٧، مناقب الخوارزمي: ٢٠٩ و ٢٣٦، فرائد السمطين ١: ٣٢٥/ ٢٥٣ و ٢٥٤، ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق ٢: ٢٤٣- ٢٤٦، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٦٥، لسان الميزان ٣: ٢٤٧، بشارة المصطفى: ١٢٢.

٣٠ ص فِي الْمِرْقَاةِ الَّتِي تَلِي الذِّرْوَةَ مِنْهُ

(٦٥) وَ يَجْلِسُ الْأَنْبِيَاءُ ص دُونَهُمَا

(٦٦) ص

(٦٧) وَ أَنَّهُ يُدْعَى ص فَيُكْسَى

(٦٨) حُلَّةً أُخْرَى

(٦٩) .

وَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصِّرَاطَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَنْ مَعَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع مِنَ النَّارِ

(٧٠) .

وَ أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ الْأَئِمَّةَ الْأَبْرَارَ ع يَوْمَئِذٍ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ

(٧١) .

و أمثال هذه (٧٢) الأخبار يطول بذكرها المقام (٧٣) و ينتشر بتعدادها (٧٤) الكلام.

و من عني بأخبار العامة و تصفح (٧٥) روايات الخاصة و لقي النقلة من الفريقين و حمل عنهم الآثار لم يتخالجه رَيْبٌ في ظهورها بينهم-

____________

(٦٥) في «ج»: أمير المؤمنين (عليه السلام) دونه بمرقاة.

(٦٦) في «ج»: دونها.

(٦٧) في «ج»: عليهم.

(٦٨) في «ج»: فيلبس.

(٦٩) لسان الميزان ٤: ٢٦٦، المحتضر: ١٥١.

(٧٠) الرياض النضرة ٣: ٢٣٢، ذخائر العقبى: ٧١، الصواعق المحرقة: ١٢٦، مناقب ابن المغازلي: ١١٩/ ١٥٦ و ١٣١/ ١٧٢ و ٢٨٩/ ٢٤٢، مناقب الخوارزمي: ٣١، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي: ٣٩، فرائد السمطين ١: ٢٩٢/ ٢٣٠.

(٧١) شواهد التنزيل ١: ١٩٨/ ٢٥٦، ينابيع المودّة: ١٠٢، الكافي ١: ١٤١/ ٩، تفسير العيّاشيّ ٢: ١٨/ ٤٤ و ٤٥، بصائر الدرجات: ٥١٥، معاني الأخبار: ٥٩/ ٩، مختصر البصائر: ٥٢- ٥٥، مناقب ابن شهرآشوب ٣: ٢٣٣.

(٧٢) في «ب» و «ج»: لهذه.

(٧٣) في «أ» و «ب»: التقصاص، و يعني التّتبّع.

(٧٤) في «ج»: و ينشر بتعدّدها.

(٧٥) في «أ» و «ب»: و يصلح.

٣١ و اتفاقهم على تصحيحها و التسليم لها على الاصطلاح.

و قد ثبت أن القيامة محلّ الجزاء و أن الترتيب في الكرامة (٧٦) فيها بحسب الأعمال (٧٧) و مقامات الهوان فيها على الاستحقاق بالأعمال (٧٨).

و إذا كان مضمون هذه الأخبار يفيد تقدّم أمير المؤمنين ص على كافّة الخلق سوى رسول الله ص في كرامته و الثواب (٧٩) دل ذلك على أنه أفضل من سائرهم في (٨٠) الأعمال

____________

(٧٦) في «ج»: الكتابة.

(٧٧) في «أ»: يحسب للأعمال.

(٧٨) (بالأعمال) ليس في «ج».

(٧٩) في «أ» و «ب»: كرامة الثواب.

(٨٠) في «أ» و «ب»: من.

٣٢ فصل الاستدلال بأخبار الخاصة على أفضلية الإمام علي ع فأما الأخبار التي يختصّ بالاحتجاج (٨١) بها الإماميّة لورودها من طرقهم و عن أئمتهم ع فهي كثيرة مشهورة عند علمائهم مبثوثة (٨٢) في أصولهم و مصنفاتهم على الظهور و الانتشار.

فمنها

قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ص

أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ص لَمَا كَانَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص كُفْءٌ مِنَ الْخَلْقِ

(٨٣) آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ

(٨٤) وَ قَوْلُهُ ع

كَانَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ نَبِيَّ بْنَ نَبِيِّ بْنِ نَبِيِّ بْنِ خَلِيلِ اللَّهِ وَ كَانَ صِدِّيقاً رَسُولًا وَ كَانَ وَ اللَّهِ أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ سَلَامُهُ) أَفْضَلَ مِنْهُ

وَ قَوْلُهُ ع

وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص مَا

____________

(٨١) في «أ»: نخصّ الاحتجاج، و في «ب»: يخصّ الاحتجاج.

(٨٢) في «ج»: منسوبة.

(٨٣) زاد في «ج»: من.

(٨٤) الفردوس ٣: ٣٧٣/ ٥١٣٠، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي ١: ٦٦، تفسير البحر المحيط ٦: ٥٠٧، الكافي ١: ٤٦١/ ١٠، التهذيب ٧: ٤٧٠/ ٩٠، الفقيه ٣:

٣٩٣/ ٤٣٨٣، أمالي الطوسيّ ١: ٤٢، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ١٨١، كشف الغمّة ١: ٤٧٢، بشارة المصطفى: ٣٢٨، المحتضر: ١٣٣ و ١٣٦.

٣٣ كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ مِنَ النَّبِيِّ ص قَالَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ فَضْلٌ سِوَى الرِّسَالَةِ الَّتِي أُورِدَهَا

(٨٥) وَ جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ عَنْ أَبِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي الْحَسَنِ وَ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع وَ قَوْلُهُمْ جَمِيعاً بِالْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ

لَوْ لَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ سَمَاءً وَ لَا أَرْضاً وَ لَا جَنَّةً وَ لَا نَاراً

(٨٦) . و هذا يفيد فضلهما بالأعمال و تعلق الخلق في مصالحهم بمعرفتهما و الطاعة لهما و التعظيم و الإجلال

____________

(٨٥) المحتضر: ٢٠ «نحوه».

(٨٦) فرائد السمطين ١: ٣٦، ينابيع المودّة: ٤٨٥.

٣٤ فصل الاستدلال بأخبار العامة وَ قَدْ رَوَتِ الْعَامَّةُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ

عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ

(٨٧) و هذا نص في موضع الخلاف.

وَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ ادْعُوا لِي سَيِّدَ الْعَرَبِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَ لَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ قَالَ أَنَا سَيِّدُ الْبَشَرِ وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ

(٨٨) فجعله تاليه (٨٩) في السيادة للخلق و لم يجعل بينه و بينه واسطة في السيادة فدل على أنه تاليه (٩٠) في الفضل.

وَ رُوِيَ عَنْهَا مِنْ طَرِيقٍ يَرْضَاهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ

أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْخَوَارِجِ حِينَ ظَهْرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَيْهِمْ وَ قَتَلَهُمْ مَا يَمْنَعُنِي مِمَّا بَيْنِي وَ بَيْنَ

____________

(٨٧) الفردوس ٣: ٦٢/ ٤١٧٥، سير أعلام النبلاء ٨: ٢٠٥، ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق ٢: ٤٤٤- ٤٤٨، تاريخ بغداد ٣: ١٩٢ و ٧: ٤٢١، كنز العمّال ١١:

٦٢٥/ ٣٣٠٤٦، لسان الميزان ٣: ١٦٦.

(٨٨) مستدرك الحاكم ٣: ١٢٤، حلية الأولياء ١: ٦٣ و ٥: ٣٨، الصواعق المحرقة: ١٢٢، تاريخ بغداد ١١: ٨٩، ذخائر العقبى: ٧٠، ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق ٢: ٢٦١، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٧٠، مجمع الزوائد ٩: ١٣١، كنز العمّال ١١: ٦١٨/ ٣٣٠٠٦.

(٨٩ و ٩٠) في «ج»: ثانيه.

٣٥ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ أَقُولَ فِيهِ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِيهِ وَ فِيهِمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِيقَةِ يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ وَ الْخَلِيقَةِ

(٩١) وَ رَوَوْا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ

عَلِيٌّ سَيِّدُ الْبَشَرِ لَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا كَافِرٌ

(٩٢) . و الأخبار في هذا كثيرة (٩٣) و فيما أثبتناه مقنع و الاحتجاج بكل خبر منها له وجه و الأصل في جميعها منهجه ما ذكرناه و الله ولي التوفيق

____________

(٩١) شرح ابن أبي الحديد ٢: ٢٦٧، مناقب ابن المغازلي: ٥٦/ ٨٠، تذكرة الخواص:

١٠٤، مجمع الزوائد ٦: ٢٣٩.

(٩٢) الرياض النضرة ٣: ١٩٨، فضائل الصحابة ٢: ٥٦٤/ ٩٤٩، المحتضر: ١٥١، و انظر الهامش (٨٧).

(٩٣) في «أ» و «ب»: كثير.

٣٦ فصل الاستدلال بجهاد أمير المؤمنين ع و جهوده على أفضليّته و قد اعتمد أكثر أهل النظر في التفضيل على ثلاث طرق أحدها ظواهر الأعمال.

و الثاني على السمع الوارد بمقادير الثواب و ما دلّت عليه (٩٤) معاني الكلام.

و الثالث المنافع في الدين بالأعمال.

فأما مقادير الثواب و دلائلها (٩٥) من مضمون الأخبار المستحقّ للجزاء (٩٦) فقد مضى طرف (٩٧) منه فيما قدمناه.

و أما ظواهر الأعمال فإنه لا يوجد أحد في الإسلام له من ظواهر أعمال الخير ما يوجد لأمير المؤمنين ص.

فإذا كان الإسلام أفضل الأديان لأنه أعمّ مصلحة للعباد كان العمل في تأييد شرائعه أفضل الأعمال مع الإجماع أن شريعة الإسلام أفضل الشرائع و العمل بها أفضل الأعمال و حمل المخالف قوله تعالى

____________

(٩٤) زاد في «أ» و «ب»: في.

(٩٥) في «ج»: و دلالتها.

(٩٦) في «أ» و «ج»: للجزء.

(٩٧) في «أ» و «ب»: طرق.

٣٧ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (٩٨) على أنه في أمّة الإسلام مؤكّد (٩٩) الحجة (١٠٠) على ما ذكرناه.

فأما إيجاب الفضل في المنافع الدينية فإن أكثر المعتزلة عوّلوا (١٠١) في تفضيل النبي ص على من تقدمه بكثرة المستحسنين له و المتبعين (١٠٢) لملته و شريعته على ما سلف من أمم الأنبياء.

فإذا كانت شريعة الإسلام إنما تثبت بالنصرة للنبي ص بما (١٠٣) عددناه مما كان لأمير المؤمنين ع وجب تعلّق النفع على الوجه الذي يقتضي فضله على كافّة من فاته ذلك من السالفين (١٠٤) و من الأمم المتأخرين.

و وجه آخر و ثانيها في فروعها أنه لما ثبت أنها المحقة من الأمم دون غيرها ثبت أن النفع بالإسلام الذي جاء به النبي ص لا يتعدّاها إلى غيرها و إذا كان إنما وصل إليها بأمير المؤمنين ع ثبت له الفضل الذي ثبت (١٠٥) للنبي ص من جهة ربه على ما ذكرناه من قواعد القوم في الفضل (١٠٦) بالفضائل من جهة النفع

____________

(٩٨) سورة آل عمران ٣: ١١٠.

(٩٩) في «أ» و «ب»: مولد.

(١٠٠) في «ج»: نجحه.

(١٠١) في «ج»: يقولون.

(١٠٢) في «أ» و «ب»: المستعين، و في «ج»: المستعينين، و كلّها تصحيف صحيحه ما أثبتناه «أو المستجيبين له».

(١٠٣) في «أ و ب و ج»: إنّما، تصحيف صحيحه ما أثبتناه.

(١٠٤) في «ج»: السابقين.

(١٠٥) في «أ» و «ب»: وجب.

(١٠٦) في «ج»: العقل.

٣٨ العام فتفاضل الخلق فيه حسب كثرة (١٠٧) القائلين بالدين المستبين بذلك من الأنام.

و الله ولي التوفيق و صلى الله على سيد رسله محمد النبي و آله و سلم تسليما كثيرا